إعتدنا ان يكون الفساد الاداري والمالي والرشاوى سمة من سمات قادتنا في البرلمان والحكومة، ولكن عندما يصل الفساد الاداري الى مرجعياتنا الدينية وتشارك فيه يكون هذا دليلا على ان العراق اصبح في قعر الهاوية وليس على حافتها..! لا اريد التكلم والحديث عن قضية جامعة البكر ودور المرجعية في عملية بيعها بثمن بخس، ولكن هذه المرة سيكون الحديث عن معسكر النجف الذي يطلق عليه (الحامية)، والتي تقدر مساحتها بـ (100) دونم..!
فبعد ان أطلقت إيران ودويلات تدور في فلكها على النجف لقب (عاصمة الثقافة الاسلامية) للعام 2012 قامت البلدية وبتأثيرات من قبل المرجعية ببيع حامية النجف الى الوقف الشيعي لغرض انشاء ما يدعى بـ(المدينة العلمية في النجف الاشرف)، وتم بيع هذه الارض بسعر رمزي قيمته 1000 دينار للمتر الواحد، بينما تساوي قيمتها الفعليه قرابة المليون دينار للمتر الواحد، وتجدون التفاصيل في كتاب مديرية البلديات العامة المرقم (20699 في 5/11/2008)..!
ليست المشكلة في سعر المتر لوحده، ولكن المشكلة تكمن بالمشروع كله..! فهذه المنطقة كان يسكنها مئات العوائل من الفقراء المتجاوزين، ولكن ولأن المرجعية الرشيدة تقف الى جانب الفقراء والمظلومين فقد تم طرد جميع هذه العوائل وهدم بيوتهم بالقوة..!! ولا توجد مشكلة (قانونية) في طرد المتجاوزين، ولكن المشكلة أخلاقية ودينية عندما نلقي بمئات العوائل في الصحراء دون مأوى..!
بعد ذلك قام الوقف الشيعي بتسمية (الشيخ الفياض)، وهو أفغاني لايحمل الجنسية العراقية، متوليا على المشروع..! ولا نعلم إن كان القانون العراقي يسمح بان يكون المتولي على مشاريع مؤسسات الدولة من غير حملة الجنسية العراقية.. ولكن بافتراض أن القانون يسمح بذلك، فهل خلا العراق ذو الـ 33 مليون نسمة أن يوجد من بينهم متولي كفوء لهذه المدينة حتى يكون الشيخ الفياض الافغاني الجنسية متولياً عليها..؟؟!! وقد تمت الموافقات الرسمية من الحكومة والدوائر ذات العلاقة وتقرر انشاء هذا المشروع على شرط ان يكون [مدينة علم]، وكذلك شريطة اكمال بنائه خلال ستة اشهر..!
ولكن ما حدث بعد ذلك امر يثير العجب العجاب..! فالظاهر ان مساحة المشروع المقررة لم تكن ترضي طموح المتولي فقام بممارسة ضغوط من اجل زيادة المساحة، وتم له ذلك حيث تمت اضافة ( 80 ) دونم اخرى لمساحته الاصلية لتصبح بعد ذلك مساحة المشروع ( 180 ) دونم، وايضا تم احتساب سعر المتر الواحد بـ 1000 دينار وذلك حسب كتاب مديرية البلديات العامة المرقم (8541 في 27/4/2009) يا بلالالالالاش..!!
ولكن عندما بدأ العمل بالمشروع نكتشف انه لا يحتوي على مخططات في الاوراق الرسمية..! وللامانة فان هذا ربما هو المشروع الوحيد في العراق الذي لا يحتوي على مخططات هندسية، فكيف ياترى تمت الموافقه عليه دون مخططات ؟ لا اعلم واتمنى من المتولي والحكومة ان تجيبني عليه .
وبعد ان بدأ المشروع وباشر المتولي ببناء مرافقه التي من المفروض انها تخدم ابناء المدينة على اقل تقدير، ولا نكون طماعين ونطالب بأن يكون المشروع بخدمة البلد كله، فقد تبين ان المشروع كله عبارة عن بيوت من نوع (VIP) اي بيوت مصممة لـ(كبار الشخصيات) وستوزع على طلبة الحوزة من الجنسيات غير العراقية، وسوف يتم تطعيمها بعدد من الطلبة العراقيين (جفيان شر وأكيد بالواسطة)، ولكن ليس هناك اي أثر لقاعات التدريس ولا متحف اسلامي ولا مكتبات ولا مراكز بحوث ولا ولا ولا الى اخره من الامور التي تخص [مدن العلم]..!
المسؤولون في المحافظة علموا بهذه التجاوزات والكوارث ولم يستطيعوا ان ينكروها، لان الشارع بدأ يتكلم ويتذمر من مشروع خصص للعلم ولكن نكتشف بعد ذلك أنه مخصص لـ(خواص) المعممين، وبالتالي فان الحوزة فقدت قيمتها الروحية واحترامها في الشارع النجفي.. وفوق كل هذا التجاوز على عنوان المشروع فانه قد تجاوز المدة المحددة لانشائه والتي تم تحديدها بستة اشهر ولن يكمل الا بعد ستة اشهر اخرى..!
لقد اعتدنا على الفساد الاداري في اروقة الحكومة وألفنا وجود المفسدين هناك فيا ترى هل نعتاد على وجود الفساد في المؤسسة الدينية وهل نألف وجود المفسدين فيها؟ وهل يقبل الاسلام بطرد الفقراء من اجل رفاهية الاغنياء ؟ ولماذا تتسرب الأراضي والمؤسسات التابعة للدولة شيئا فشيئا الى هيمنة المعممين وتتحول الى مؤسسات مذهبية متخلفة؟
..............................................
يبدو أن العراق لم يعد بحاجة الى مؤسسات أو أراض عسكرية لأنه في أمن وأمان بعد أن وقع ثلاثة أرباعه تحت الهيمنة الايرانية، والربع الآخر تحت الهيمنة الأمريكية، فما الداعي لجامعة البكر التي كانت تمنح أرقى الشهادات والخبرات العسكرية، وما الداعي لحامية في النجف، فهي محمية من إيران بشكل مبتشر من خلال جيش المعممين والمرجعيات التابعين لها، ومن خلال مملكة الحكيم المتربعة فوق أرضها.. وكل ما يحتاجه عراقنا الجديد هو مزيد من المؤسسات المتلبسة بلباس الدين والتي تعكف على تدريس الحقد والكراهية والمظلومية الأزلية.. فلعلها منحت طلابها دكتوراه في اللطم والنعي والقرايات والروزخونيات.. أو لعلها ستصبح مواقع استخبارية متقدمة لاطلاعات الايرانية في عمق الأراضي العراقية..!