ما الذي يقسم عليه أطفال العراق في الصورة المرفقة؟ هل يقسمون على حب الوطن؟ كلا .. إنه قسم من نوع آخر..إنهم (طلائع) رسميون..! (انظروا الباجات)، إنها من نوع لا تعرفون عنه شيئا. يكفي أن اقول لكم الآن ان أمام هؤلاء الأطفال كان يقف جنود الإحتلال (بعد أن توارى المعلم في المؤخرة)، وهذه الصورة تجدونها منشورة على موقع وزارة الدفاع الأمريكية، التقطتها كاميرا اللواء الأول-مشاة 3 . والطلائع العراقيون هؤلاء ينتظمون في سلك المنظمة التي يحملون على صدورهم شعارها ويقسمون بالولاء لها من سن 5 سنوات الى 19 سنة (سن التكوين والنشأة) من شمال العراق الى جنوبه. ألإحتلال لا يضيع وقته، يترك صنائعه يتعاركون على الفتات، في حين ينهمك في تغيير تركيبة المجتمع العراقي من جذوره.
إن الأطفال في الصورة المنشورة هنا يقسمون (قسم الولاء) لنادي 4.H..! فما هي قصة هذا النادي؟
أول من أدخلت فكرة نوادي (فور ايج) في العراق هي ماري كيرستيتر Kerstetter من وزارة الزراعة الامريكية، والتي وصلت العراق في نيسان 2009 لتعمل مستشارة زراعية لفريق إعادة اعمار المحافظات التابع لوزارة الخارجية الأمريكية PRT ، وكان مقر عملها في محافظة الانبار، وذلك لـ(مساعدة) العراق على اعادة البناء في القطاع الزراعي (الذي خربه النظام السابق كما تقول في سردها لذكرياتها).. ثم اقنعت هذه السيدة الأمريكية المسؤولين عن الزراعة في محافظة الانبار وأعضاء امريكان من فريق اعادة الاعمار بفكرتها، وطلبت معونة وزارة الزراعة الأمريكية لتمويل البرنامج بمبلغ 50 الف دولار، وبدأت بإقامة ناديين في الانبار واحد في قرية العامرية والاخر في الگرمة، ثم اختارت 24 طفلا (نصفهم اناث ونصفهم ذكور) من الأيتام واحدهم كان متأخرا عقليا.
كان البرنامج هو ان يستلم كل طفل نعجة صغيرة (حمل) لتربيته بشرط ان يكون لكل منهم مكان لتربية الخروف، وقد وقّع كل طفل على وثيقة يتعهد فيها ان يتبرع بأول خروف يولد لنعجته للبرنامج لتمكين أطفال آخرين من الانضمام الى البرنامج ..! كما رتبت للاطفال ان يتخذوا اصدقاء مراسلة مع اطفال امريكان من خلال خدمة المراسلة في جامعة فلوريدا، وكان الاطفال يتطلعون لممارسة الكتابة بالانجليزية. بعد هذا تطوعت ماري سنة اخرى مع فريق اعادة اعمار المحافظات وعملت على اقامة ناد آخر جنوب بغداد (المحمودية) في حزيران 2010 واقترح الاولاد تسمية النادي بـ (الامل)، وذلك لأن جمعية غير حكومية ترعاه هي مركز (عراق الامل) للتنمية والتطوير الاقتصادي، وفي النية اقامة ناد آخر في بغداد. وهدفها التالي هو تشكيل منظمة (فور ايج) على المستوى الوطني في العراق.
نادي الأمل كان يضم 29 عضوا من البنين والبنات، تتراوح أعمارهم بين 12 سنة و16 سنة ، ومركز عراق الأمل يديره (محمد الجيزاني) وهو من مواليد 1958 وحاصل على شهادة البكالوريوس في الإدارة والاقتصاد. عمل كمتطوع لمدة سنتين مع (معهد السلام الأمريكي الدولي USIP ) في موضوع حل النزاعات في جنوب بغداد، وهو رئيس فرع المحمودية للمجلس العراقي للسلم والتضامن.
معهد السلام الامريكي الدولي USIP وهو جهاز امريكي يتم تمويله من قبل الحكومة الفدرالية الامريكية، وقد لعب دورا في 2007 حين ساعد فرقة الجبل العاشرة في الجيش الامريكي في جهود (المصالحة) في المحمودية الواقعة في (مثلث الموت) في محافظة الانبار بين زعماء العشائر السنة والحكومة الشيعية والجيش الأمريكي.. وقد أشاد بترايوس بجهود المعهد في تخفيض (العنف)..! والمعهد انشأه الكونغرس على أيام الرئيس ريغان في عام 1984 لمنع او انهاء العنف في العالم .. وذلك بطبيعة الحال لكي تسير دول العالم في ذيل جيوش الاحتلال دون أي مقاومة أو (عنف) ضدها في البلاد المحتلة. ولابد أن الجيزاني عمل مع معهد السلام في هذه الفترة.
في النهاية اصبح الجيزاني رئيس المركز الوطني العراقي لنوادي اليافعين على مستوى العراق. وحين غادرت ماري العراق في 2011 كان قد اصبح عدد النوادي في عموم العراق 42 ناديا واعضاؤه حوالي 1100 يافعا. ولكن قبل مغادرتها عقدت مؤتمرا عاما للنوادي حضره مسؤولون حكوميون عراقيون وامريكيون، وقد كشف في المؤتمر الذي اقيم في فندق السدير عن الشعار العراقي لنوادي (فور ايج) وهو ورقة البرسيم (وهو الشعار العالمي لهذه النوادي) في دائرة من الوان العلم العراقي.
• ولكن ماهي حقيقة نوادي (فور ايج 4.H)..؟
اختصارا للقاريء الفطن يمكنكم الذهاب الى موقع المركز الوطني العراقي لنوادي اليافعين فور ايج للاطلاع على أهداف النادي (النبيلة)، والتي يلخصها الجيزاني بقوله :
(في هذا البرنامج ، تتم عملية التعليم من خلال المواضيع الخاصة بالشباب أنفسهم .. ومن خلال المهارات الذاتية لهم والتي يمكن لذويهم - حيث سيتم إشراك آباء وأمهات اليافعين بشكل كبير كمتطوعين - والمختصين مساعدتهم في تحديد تلك البرامج ومتابعة تنفيذها وهذه البرامج يمكن أن تشمل اليافعين سواء أكانوا في الريف أو المدينة. هذا التعليم يصلهم عن طريق المشاركة في النوادي (والنادي هنا تجمع يضم في حالتنا 25 عضوا من البنين والبنات ولأعمار ما بين 8- 17 سنة) يتم تجميعهم على أساس أنهم من منطقة واحدة أو اهتمام وتخصص واحد وهم يجتمعون بصفة منتظمة في لقاءات في أماكن هم يختارونها (مقر جمعية فلاحيه، مجلس عشائر، مضيف شيخ عشيرة، بيت ثقافي، نادي رياضي، مدرسة، بيت احد أعضاء النادي ) أو إذا توفر مقر دائمي في المستقبل. الفرد هنا يصبح جزء من فريق عمل ينمي فيه مهاراته الاجتماعية والقيادية ويؤدي خدمات لمجتمعه.
بالإضافة إلى وجود أنشطة قصيرة تشمل المخيمات والمؤتمرات يمكن أن تتشكل النوادي داخل الصفوف المدرسية (تجربة الانبار مثلا). العضو في هذه النوادي سيكتسب معارف متنوعة ومهارات جديدة: كيف يتخذ القرار، القيادة، المواطنة، التواصل مع الآخرين، احترام الذات، احترام الآخر. هذا البرنامج طويل المدى نريد له أن يكون جزءا من المنظومة الجديدة للعراق الذي نتمنى سيكون هدفنا التالي بعد أن ننجح بتعميم هذا البرنامج ونشره في كل محافظات العراق، ودفع الدولة لكي تتبناه وتدعمه..
وفي مكان آخر يقول: ( نحن نعمل بهذا البرنامج منذ عام وحقق نجاحات ممتازة واكتشفنا مواهب كثيرة لم تستطع حتى المدارس الكشف عنها ولا حتى اسر هؤلاء اليافعين ، كان من بينهم الشاعر والرسام وموسيقيين وفنانين ، هم الان لا يرسمون الطائرة والدبابة والمدفع والصاروخ والقاذفة والرشاشة والمسدس ، بل يرسمون الزهور والحدائق والحقول )..
طبعا هذا المرجو من نوادي يشرف عليها معهد السلام الامريكي. وحتى شعار النوادي هو نبات البرسيم الأخضر عليه 4 من حروف ايج والتي تشير الى الاحرف الاولى للكلمات الانجليزية : الرأس - القلب - اليد – الصحة، وقسم النادي الذي رأيتم الاطفال يؤدونه هو :
Head – أتعهد بالتفكير الصافي
Heart – وقلبي للولاء
Hand – ويدي لخدمات أكثر
Health – وصحتي للعيش الأفضل.. جميعها إلى النادي الذي انتمي إليه والى المجتمع الذي أعيش فيه والى العالم ككل
هل لاحظتم ان عقل الفرد وقلبه وخدمته وصحته هي من اجل النادي أولا وثانيا للمجتمع الذي يعيش فيه (المجتمع الصغير) وليس الوطن الذي لم يذكر ابدا، بل ذكر العالم..! وقد انتشرت هذه النوادي في العراق مثل السرطان ، ففي الريف كان يهدى لكل عضو خروف وفي المدن كومبيوتر. فلماذا لا تنتشر النوادي مثل الحريق في العشب الجاف؟
الآن عرفنا الاهداف (النبيلة) لهذا النادي، وهي الاهداف الظاهرة، فما هي حقيقة النادي فعلا؟
يكرر الجيزاني واشباهه هذه الجملة في المؤتمرات وغيرها: (والبرنامج موجود في 80 دولة في العالم والعراق الآن أصبح الدولة 81 ).. وهي جملة خادعة، تفاديا للقول أن اصل البرنامج أمريكي.. ففي امريكا ولد وفيها ترعرع. وفي الموقع الاصلي للنوادي في الولايات المتحدة نجد ان ممولي البرنامج هم : وزارة الدفاع الامريكية ووزارة الزراعة الامريكية اضافة الى جهات اخرى، ومن الشركاء نجد شركة مونسانتو، وهي الشركة الاحتكارية للبذور الزراعية التي يجبر فلاحونا على الشراء منها رغم انها تدمر الزراعة الوطنية على المدى البعيد. وشركة السلاح لوكهيد مارتن التي ساهمت بقوة في لجنة تحرير العراق وفي حرب تدمير العراق.
إذا المفارقة في ذروتها هنا: معهد سلام امريكي + شركة سلاح حربي + وزارة زراعة امريكية + شركة تدمير زراعات العالم = السلام ..! وهي مفارقة لا تجدها إلا في قواميس الهيمنة الامبريالية. ومن هذا الخليط مطلوب انتاج جيل عراقي جديد هو الذي سوف يحول العراق الى سوق للزبالة الأمريكية.. كل هذا ولم نعرف ماهي نوادي فور ايج . دعونا نتعمق في هذا الموضوع أكثر:
• مؤسس اول نادي فور ايج هو : (ألبرت بيلمونت غراهام) ، وفي موسوعة وكيبيديا هذه معلوماته : ( 1868 – 1960 ، ولد في ولاية اواهيو وكان مدير مدرسة في الريف ثم عمل في وزارة الزراعة الامريكية وقد اسس اول نادي تجارب زراعي يعتبر نواة لبرنامج فور ايج وقد استوحاه من طفولته حين تحمل مسؤولية تربية خنزير صغير وكسب مالا من ورائه. ولهذا تقوم النوادي في العراق باهداء خروف صغير لكل طفل، على أن يعتبر ملكا صرفا للطفل وليس للعائلة، حتى يتعلم الطفل الاستقلال عن اهله - وبالتالي عن اشرافهم- منذ سن مبكرة..!
والله كثر خير ألبرت، ولكن المعلومة الأهم غير المذكورة في وكيبيديا هي أن البرت بيلمونت غراهام كان من أشهرالماسونيين الأمريكان. وهذه المعلومة تجدها في موقع يدرج أسماء أشهر الماسونيين حسب الاحرف الابجدية، وتجد اسمه تحت حرف G : Graham، ومصداقا للمعتقد، نجد أن علامة الماسون هي كما في الصورة: تشبه ماذا ياترى ؟ هل تشبه شعار منظمة 4H ؟ نرجع الى شعار الماسون الشهير وهي ادوات قياس وبناء لأن معنى اسم الماسون هو (البناؤون الاحرار)، والرمز هو في الواقع مثل مثلثين مقلوبين متداخلي، مثل نجمة داود مموهة.
وأخيرا نعود الى السيد (محمد الجيزاني) والذي نراه اختار شعارا غريبا لأول نادي (فور ايج) في المحمودية والذي سمي (نادي الأمل) تيمنا باسم منظمته التي كان يتكسب منها قبل أن تفتح له باب الرزق الواسع على أيدي (البنائين الاحرار)، الشعار هو مثلثين مقلوبين متداخلين، مع تمويه بالوان العلم العراقي، والشكل يوحي لأول وهلة بالهرم (والهرم ليس من تراثنا العراقي) ولكن عند التدقيق نجد انه شعار الماسونية منفذ بطريقة مموهة ولكن واضحة لمن يعنيه الأمر.
..................................
** الرابطة العراقية: إن أي مشروع يتم تنفيذه في العراق برعاية أمريكية، مهما حمل من اسم أو غايات ظاهرها نبيلة، فهو لايعدو لأن يكون وسيلة خبيثة لاختراق المجتمع العراقي والعبث بقيمه وأخلاقه لتحقيق غايات وأهداف الاحتلال. وتتابع الرابطة منذ مدة بقلق بالغ الانتشار السريع لفروع 4H في المحافظات العراقية و (النجاحات) التي يحققها رغم أن كل نشاط آخر في العراق، نابع من إرادة عراقية حقيقية، يواجه بالفشل أو القمع..!
إن مسميات (الحب، السلام، الأمل، اللاعنف، المصالحة..) هي مفردات لغوية جميلة دون شك، ولكن عندما يتم نشرها في العراق وهو يتعرض الى آلة القتل والتدمير الأمريكية المتوحشة، والى بطش وتنكيل الميليشيات الطائفية، والى محاولات التقسيم والشرذمة، والى سرقة ثرواته وقوت شعبه على نحو مروع، والى رهن بتروله بيد شركات النفط العالمية.. حينها تصبح مثل هذه المعاني مشبوهة ومريبة..! فعندما يتعرض شعب الى مؤامرة خطيرة كهذه فهو في أمس الحاجة لمعاني (المقاومة، الثأر، التصدي، الرفض، الانتفاضة، الثورة..)، والتي يتمنى المحتل وأعوانه في العراق أن ترفع من قواميسنا الحياتية..!
عندما يكون العراق محتلا ومدمرا، وعندما يحمل الأمريكان في أيديهم دماء الآلاف من الأبرياء، ووزر الملايين من الأيتام والأرامل والمهجرين، فليس لهم في قلوبنا سوى (الكراهية).. إن علينا أن نكره كل شيء أمريكي، سواء كان بضاعة أو تراثا أو موسيقى أو أزياء أو حتى لهجة.. لأن مثل هذه الكراهية ستكون حاجزا نفسيا يمنع من وقوعنا في فخ مخططاتهم الخبيثة والماكرة. فعندما تعرض الشعب الفيتنامي الى العدوان الأمريكي فقد تحول كل تراث ونشاط بل حتى رسوم الأطفال وأناشيدهم وألعابهم الى صورة من صور الرفض والمقاومة.. ونشأ وترعرع كل فتى وفتاة على رغبة عارمة في التنكيل بالجيش الأمريكي ومنعه من تحقيق أهدافه. بهذه الطريقة وبمثل هذه الممارسة تمكن الشعب الفيتنامي من قهر أكبر جيش في العالم واضطره لهزيمة مخزية.
عندما ينشأ أطفالنا في العراق المنخرطين في منظمات 4H على أن راعيتهم الحنونة وحظنهم الدافيء هي الولايات المتحدة ألن يكونوا في المستقبل القريب إحدى أدواتها الخطيرة في المنطقة لتحقيق أهدافها وغاياتها؟ لذا نهيب بإخواننا وأخواتنا أولياء الأمور في كافة المحافظات العراقية أن يحذروا من الوقوع في هذا الفخ الخطير. ولمن كان أولاده منخرطون في هذه البرامج سارعوا الى إخراجهم وإفهامهم في الوقت ذاته لماذا قمتم بذلك..!
ونرجو لمن يمتلك معلومات أكثر عن المدعو (محمد الجيزاني) أن يوافينا بها على وجه السرعة لكي تكتمل عندنا الصورة بكل أبعادها..
يقسمون ربي يحفظ امريكا شعارهم هذا