ماذا نريد من الحسين؟، ماذا نريد من الحسين؟ ماذا نريد من الحسين "؟، راح هذا السؤالُ السهلُ الصعبُ يعبث بأفكاري، فأعدتُ ترتيب أفكاري بعد بعثرتها؛ لأحصل على إجابة شافية، فما وجدتُ غير السراب؟!، أعدتُ السؤال مرات ومرات حتى أُصِبْتُ بكفٍّ من الإحباط، تساءلتُ: ماذا دهاني؟، هل أنا شيعي أم شيوعي؟، هل أنا رافضي أم ناصبي؟، كيف لم يسعفني الجواب؟، وكنت أظن وأعتقد: أنه من البديهيات؟؛ وقد قالوا أن البديهيات تغيب أحياناً..رفضتُ هذا التخدير، فهل نهضة الإمام الحسين التي أخذت بتلابيب المشرقَ والمغربَ- من البديهيات التي تغيب أحياناً؛ حتى أضعها في هذا الإطار الواهن؟.
أعتقد أن وضعنا كـ (شيعة) بات يراوح في دائرة الضبابية من أهداف ثورة الإمام الحسين ، ولا يختلف عاقلان على ضياع خُطى أي جهدٍ إذا لم تكن هناك بوصلة تحدد وترسم المسار؛ نعم ستضمحل الهدفية في سكرة تكرار الطقوس الشعائرية؛ دون البحث عن الهدفية، والخطّة، والدواعي؛ التي جاءت بسببها تلكم الشعائر؟.هل أن مجرد الأجر والثواب - على إحياء شعائر عاشوراء- هو الهدف المنشود من تلكم التضحيات الفريدة؟، ألسنا نؤمن بأن الشعائر الحسينية هي طريق تمهيدي إلى إقامة رسالة الأنبياء ؟، إن كلَّ ما أخشاه : هو أن نذكر الشجرة ونضيّع الثمرة؟!؛ كما جاء في معنى وصَفَه أمير المؤمنين لعملية الانقلاب على الإمامة.
لقد مضى على مجزرة العاشر من المحرم أكثر من (1300) سنة، فهل تحقّقت الأهداف المنشودة؟، لقد كان الإمام يعلم بدموية بني أميّة حين رثى نفسه :"خُط الموت على ابن آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة..كأنّ بأوصالي تقطّعها عُسْلانُ الفلوات، بين النواويس وكربلاء.." حقاً ويقيناً كان يعي أن الجيش الأموي سيقوم بأشنع مجزرة في تاريخ البشرية، بيد أنه كان في غاية الرضى والثبات؛ مما سيقع لأجل الأهداف التي تستحق كل تلك التضحية، وأعيد السؤال:
هل تحققت تلك الأهداف إلى اليوم؟، أم أنها تتحقق تدريجياً؟، أم لم يحن بعد الوقت كي تتحقق؟، أم أنها تحتاج إلى ألف سنة لكي تؤتي ثمارها؟، وكيف ستتحقق؟، هل ستنزل ملائكة من السماء كيف تترجم ما رسمه أبو الأحرار ؟، ربما أجزم بأن الجميع يتفق معي: أن الثورة الحسينية قد قدّمت كلَّ ما تحتاجه البشرية في سبيل عزّتها ونهضتها، ويبقى السؤال الذي توّجتُ به صدر المقالة لغواً؟، فحريٌ بنا أن نسأل: ما الذي عملنا به وقدّمناه، إزاء تلك التضحيات؟، لقد فاق الإمام الحسين بعطائه كلَّ عطاء.. أما نحن، فلم نقدّم إلا الدموع؟!.
عادل علي اللباد