لنعترف بحقيقتنا 1

موضوع: لنعترف بحقيقتنا 1 8/31/2011, 8:32 pm

يعود محرم الحرام، ويعود معه الزخم الروحي والمعنوي الأوّل في حياتنا وسلوكياتنا، يعود بنا إلى الجادة التي طالما ننسى؛ أو نتناسى؛ أو نبحث - في أشهر السنة التالية- عن شرعَنَة جديدة لجادة أخرى في عصَف حياتنا المادية والاجتماعية والسياسية؛. فشهر محرم لا تماثله أي مناسبة دينية من حيث الزخم والنوع والعطاء..شهر محرم هو البصمة التي لا يمكن لأي مسلم أن يتنصل منها، ولا يمكن لأي إنسان يحمل بعض المشاعر الإنسانية أن يقمع أو يكبت تلك المشاعر من التفاعل الوجداني معه؛ فحينما يخفي أي فرد مشاعره الطبيعية التي أودعها الله في نفسه؛ إنما يعني - ذلك- وجود نقص في تركيبة عقله ووجدانه وسلوكه..

إنّ هيمنة ما تجسّد في هذا الشهر من مبادئ وقيم لا يمكن للعقل، والمشاعر الإنسانية تجاوزها بأي شكل من الأشكال، وفي أيّ ظرف من الظروف على مستوى الزمان والمكان..

أعتقد: أننا بقدوم شهر المبادئ والقيم، نرى كيف شطّ بنا المسير عن تلك القيم، سنقترب أكثر إلى حقيقة عُرينا.. سنرى أنفسنا دون لباس أو ساتر؛ إذا وقفنا بكل شفافية وصدق نتمعّن في بعض مفردات حياتنا اليومية..فكلما اقترب المرؤ من المرآة ستتضح له معالمه.والأمر هنا لا يدخل في دائرة التعميم وإنما الظاهرة.

أستل بعض تلك المفردات من قاموس يومياتنا، وأضعها على ساحة كربلاء؛ لنرى بجلاء شفافية واقعنا من تلكم المبادئ التي رسمتها العقيدة والدم يوم عاشوراء، وأوّلها Sad

التضحية)، إن من أبرز تجلّيات عاشوراء هي: التضحية، حيث قدّم الإمام الحسين وأهل بيته وأنصاره أرواحهم قرابين لوجه الله "عز وجل"، والسؤال المهم: كيف ننظر إلى ذواتنا حينما نضع تلك التضحية مرآة نرى من خلالها أنفسنا؟، والجواب: أظن أن الخجل سيعتري تلك المرآة؛ بل ستتشظى من هول صدمة واقعنا المرير.

وللإشارة: لا أطالب نفسي ومجتمعي بحجم تضحية الإمام ، فذاك أمر خرافي بالنسبة لنا، وإنما بالكلمة الصادقة، والشُجاعة أمام غطرسة الطاغوت بشقّيه؛ النظام الحاكم، والجور الاجتماعي.أما المفردة الثانية هي: (الصدق في الوعد قولاً وعملاً)،فحينما صدع الإمام بنهضته.. ثبتَ هو ومن معه من الصفوة على ذلك الشعار القِيَمِي الذي رفعه:

(..أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر..)، حتى تفننت السيوف والرماح في تقطيع أوصالهم يوم عاشوراء تحت مظلة ذلك الشعار.وأعود من جديد إلى عنوان المقالة : لنعترف بحقيقتنا : أن بيننا وبين ما نرفع من شعارات؛ بحراً متلاطماً من السياسة والمصالح والإغراءات تحيل ما نعِد به قولاً وعملاً إلى مجموعة فقاقيع من أوّل هبّة ريح وقبل الغروب أقول: إن عاشوراء بما يحمل من قيم هو تعرية لذواتنا المتجلببة بقشوره.

عادل علي اللباد