الشاه إسماعيل الصفوي كان اول من استخدام هذا التمثيل لنشر المذهب الشيعي في فارس.
تثير قضية "التطبير" (شق الرؤوس وضربها بالسيف) في ذكرى مقتل الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب في العاشر من عاشوارء، الكثير من الجدل بين الأوساط الشيعية، بينما تثير الاشمئزاز لدى المسلمين الآخرين الذي يرون فيها بدعة باطلة.
ويقول المؤرخون ان التطبير بدعة صفوية فارسية، استخدمت من اجل المبالغة في أظهار "حب أبناء الإمام علي بن أبي طالب"، وذلك للتغطية على المبالغة في النزعة القومية الصفوية التي منحت الفرس هيمنة مطلقة على الأقليات والطوائف في إيران تحت ستار أيديولوجي ديني.
والتغطية على الأغراض الحقيقية تدعى في الثقافة الشيعية "تقيّة"، وتشمل فعل شيء والتغطية عليه بقول آخر.
وفي احدث الأمثلة على "التقيّة" دعوة رئيس الوزراء العراق نوري المالكي الثلاثاء الى مقاطعة إسرائيل بسبب احداث غزة، بينما حبر توقيعه على الإتفاقية الأمنية مع حلفاء إسرائيل لم يجف بعد.
وتتمتع الحكومة العراقية بحماية الاحتلال الاميركي وبدعم عدد من كبار رجال الدين الشيعة في آن معا على سبيل "التقية" التي يمكن أن تتخذ أشكالا من التواطؤ الضمني.
ويرد ابن الأثير ظهور مراسم إحياء ذكرى عاشوراء إلى زمن الدولة البويهية (932 ـ 1055م)، ويقول إن معز الدولة أحمد البويهي (915 ـ 967م) هو أول من أحيا ذكرى استشهاد حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما تمثيل موقعة كربلاء؛ فلم يبدأ إلا في القرن السادس عشر في إيران الصفوية. وينسب التراث الشعبي الفارسي إلى الشاه إسماعيل الصفوي استخدام هذا التمثيل لنشر المذهب الشيعي في فارس، ثم شجّع الشاه عباس الصفوي (توفي عام 1629) هذا التقليد.
وقد تابع حكام فارس القاجاريون تقليد تمثيل موقعة كربلاء، وفي عهد أول شاه قاجاري، وهو الأغا محمد خان، أصدر المجتهد فاضل القمي فتوى تشرع هذا التمثيل، لكن الممارسات الدامية التي كانت تصاحب التمثيل مثل اللطم وشج الرؤوس بالسيوف، والجلد بالسياط، لم تصل إلى المركز في إيران، ولم تُعرف في البلاد العربية إلا في القرن التاسع عشر، مع أن بعض المصادر التاريخية تتحدث عن وجود هذه الممارسات في بعض أنحاء القوقاز الجنوبي منذ عام 1640.
ويعيد البعض الآخر من الباحثين نشوء ظاهرة اللطم إلى روسيا أيام القياصرة؛ حيث نقلها في البدء رجل إيراني، دُهش من طريقة التعبير عن الحزن لدى بلاد الروس، ورأى أن مصيبة آل البيت أوْلى بأن يُعبّر عنها بهذا الأسلوب الدراماتيكي، فنقلها إلى بلاده، ومنذ ذلك الوقت انتقلت إلى لبنان وإلى النبطية خصوصا.
وتثير الطقوس منذ زمن جدلا محتدما بين شيعة العالم وحظرها العديد من رجال الدين. ويقول بعض الشيعة انها تضفي صورة وحشية على المذهب ويشير بعض السنة الى مثل تلك الاعمال على انها دليل على تخلف الشيعة.
وفي وقت سابق انتقد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله "التطبير". ويرى انه ليس من مظاهر الحزن، وأنه موهن للمذهب الشيعي وغير جائز أيضا، كما يرى أن قراءة العزاء وعروض التمثيل إن اشتملت على الكذب والباطل، أو ترتبت عليها المفاسد، أو كانت موجبة لوهن المذهب الشيعي فهي حرام. كما أكد على أنه من غير المناسب أن تسير النساء في مواكب العزاء باللطم وضرب السلاسل.
وفي بغداد (رويترز) فقد وزع نشطاء منشورات الأربعاء تتضمن جميع اراء كبار علماء الشيعة التي تتراوح بين التحريم المباشر لاراقة الدماء المعروف باسم "التطبير" الى الكراهية الشديدة.
ويقول المعارضون ان هذه الطقوس تخالف تعاليم الاسلام التي تنهى عن تعمد ايقاع الاذى بالنفس.
ولكن بالنسبة للعديد من المشاركين فإن هذه الطقوس برهان قوي على الاخلاص لال بيت النبي. ويقولون ان اراقة الدماء تسمح لهم بان يستشعروا قليلا من التضحية في كربلاء وهي معركة كانت حاسمة بالنسبة للشيعة.
ويقول آخرون ان إسالة الدماء ضد الاحتلال الأميركي للعراق او ضد الاسرائيلي لفلسطين أشرف بكثير.
وقال على جبور ورأسه ملفوف في عصابة فيما تجلط الدم على وجهه وشعره "انا لا اشعر بالم على الاطلاق..هذا يرجع لحب الامام الحسين".
والسبب الحقيقي هو الخدر الذي يرافق عادة أي جرح.
وتسيل الدماء على اوجه المارة وعلى اعينهم قبل ان تلطخ ملابسهم البيضاء وتتناثر في الطريق مثل بقع المطر وهو طقس حداد يقول المطبرون انه يقربهم من الامام حتى على الرغم من ان العديد من المراقبين يقولون انه منهي عنه في الاسلام.
وقال مزين الثائر "انه تقليد. سيجرح ذلك مشاعر الشيعة اذا ما حظره رجال الدين".
وكان اخرون يتناولون طعامهم فيما كانت الدماء تقطر من رجال يسيرون بجانبهم.
وقال عمر جابر "لا اعتقد ان هذه هي الطريقة التي تظهر بها حبك للحسين. وربما ينظر العالم الى الشيعة على انهم متخلفون بسبب ذلك".
ويُعتقد ان ميل الصفويين الشيعة الى قتل المسلمين الآخرين وذبحهم على الهوية كما يجري في العراق يعود في احد جوانبه الى انهم يتمثلون سفك الدماء في عاشوراء فيستسهلونها.
كما ان أعمال القتل الطائفية تعد بدورها نوعا من "المبالغة" في تحقيق الهيمنة الطائفية.
وعرفت إيران الشاه اسماعيل الصفوي هذا السلوك عندما تعمد سفك دماء الكثير من أبناء الأقليات والطوائف الإيرانية وهو مقتنع بانه يفعل ذلك "حبا لآل البيت".
وهذا هو ما تفعله اليوم المليشيات الطائفية الحاكمة في العراق بدعم إيراني واميركي مشترك،... انما مع الدعوة لمقاطعة إسرائيل!