نسبها الشريف:
هي بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سيدة نساء العالمين (عليها السلام) أمها خديجة بنت خويلد أم المؤمنين، وكانت أصغر بنات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) واحبهن إليه، وانقطع نسل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا من فاطمة (عليها السلام) ولم يخلف له (صلى الله عليه وآله وسلم) من بنيه غيرها.
ولادتها:
ولدت (عليها السلام) بمكة يوم الجمعة العشرين من جمادى الآخرة بعد المبعث بسنتين.
كنيتها ولقبها:
تكنى (عليها السلام) أم أبيها لشدة رعايتها للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتلقب بالزهراء وبالبتول.
سيرتها:
عن عائشة أم المومنين، أنها قالت: ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما وحديثا وهديا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، من فاطمة وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبلها ورحب بها كما كانت تصنع هي به، وفي رواية لأبي داود، كان إذا دخلت عليه قام إليها فاخذ بيدها فقبلها وأجلسها في مجلسه وكانت إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها.
زهدها:
روى احمد بن حنبل في مسنده عن ثوبان مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا سافر كان آخر عهده بإنسان من أهله فاطمة وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة، فقدم من غزاة فاتاها، فإذا بمسح على بابها، وهو كساء معروف، ورأى على الحسن و الحسين قلبين، أي سوارين من فضه، فرجع ولم يدخل عليها، فظنت أنه من أجل ما رأى، فهتكت الستر، ونزعت القلبين من الصبيين، فقطعتهما، فبكى الصبيان، فقسمته بينهما، فانطلقا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهما يبكيان، فأخذه منهما وقال: يا ثوبان اذهب بهذا إلى بني فلان واشتر لفاطمة قلاده من عصب، وهو سن دابة بحريه، وسوارين من عاج، فان هؤلاء أهل بيتي، ولا احب أن يأكلوا طبيباتهم في حياتهم الدنيا.
صدقها:
في الاستيعاب بسنده عن عائشة ما رأيت أحدا كان اصدق لهجة من فاطمة إلا أن يكون الذي ولدها (صلى الله عليه وآله وسلم)، وروى أبو نعيم في الحلية بسنده عن عائشة: ما رأيت أحدا قط اصدق من فاطمة غير أبيها.
مناقبها وفضائلها:
مناقبها (عليها السلام) أكثر من أن تحصى منها:
قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنها بضعة مني أو شجنه مني، روى البخاري في صحيحه، بسنده: أن رسول الله (صلى الله عليه (وآله) وسلم) قال:
فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني
وروى النسائي في الخصائص بسنده عن المسور بن مخرمه أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
فاطمة بضعة مني من أغضبها أغضبني
وروى مسلم في صحيحه:
إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها
وفي رواية لمسلم:
إنما ابنتي بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها
وفي الإصابة عن الصحيحين عن المسور بن مخرمه، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على المنبر يقول:
فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها و يريبني ما رابها
وغيرها من الفضائل التي يرويها الخاصة والعامة.
شدة حب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لها:
روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي ثعلبه الخشني: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا رجع من غزوة أو سفر أتى المسجد فصلى فيه ركعتين ثم ثنى بفاطمة (عليها السلام)، ثم يأتي أزواجه، وبسنده عن ابن عمر، أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا سافر، كان آخر الناس عهدا به فاطمة، وإذا قدم من سفر كان أول الناس به عهدا فاطمة.
وروى ابن شهر آشوب في المناقب بعدة أسانيد عن عائشة، أن عليا قال للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما جلس بينه وبين فاطمة وهما مضطجعان أينا احب إليك أنا أو هي؟ قال:
هي أحب إلي وأنت أعز علي
سئلت عائشة أي الناس كان أحب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قالت: فاطمة، قلت فمن الرجال؟ قالت: زوجها، أن كان ما علمته صواما قواما.
وقال الله تعالى في سورة الأحزاب: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) روى الواحدي في أسباب النزول بسنده عن أبي سعيد قال: نزلت في خمسة، في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين (عليهم السلام).
وفي الإصابة قالت أم سلمة: في بيتي نزلت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا، قالت: فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى فاطمة وعلي والحسن والحسين (عليهم السلام) فقال:
(هؤلاء أهل بيتي)، أخرجه الترمذي والحاكم في المستدرك وقالا: صحيح على شرط مسلم.
تزويجها بعلي (عليه السلام):
في كشف الغمة، روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال: لو لا أن الله تبارك وتعالى خلق أمير المؤمنين (عليه السلام)، ما كان لها كُفء على وجه الأرض, قال: وروى صاحب كتاب الفردوس عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لو لا علي (عليه السلام) لم يكن لفاطمة (عليها السلام) كفء.
وروى محمد بن سعد كاتب الواقدي في الجزء الثامن من الطبقات الكبير بسنده، أن أبا بكر خطب فاطمة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أنتظر بها القضاء، فذكر ذلك لعمر، فقال له: ردّك، ثم إن أبا بكر قال لعمر: إخطب فاطمة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فخطبها، فقال له مثل ما قال لأبي بكر: انتظر بها القضاء، فاخبر أبا بكر فقال له: ردك، وبسنده عن بريده أنه قال نفر من الأنصار لعلي: عندك فاطمة!، فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسلم عليه فقال: ما حاجه ابن أبي طالب؟ قال: ذكرت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: مرحبا و أهلا، لم يزده عليهما، فخرج على أولئك الرهط وهم ينتظرونه، فقالوا ما وراءك؟ قال: ما أدري غير أنه قال لي: مرحبا وأهلا، قالوا يكفيك من رسول الله إحداهما، أعطاك الأهل وأعطاك المرحب، ثم إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لفاطمة: إن علي بن أبي طالب ممن قد عرفت قرابته وفضله في الإسلام، وإني سألت ربي أن يزوجك خير خلقه واحبهم إليه، وقد ذكر من أمرك شيئا، فما ترين؟ فسكتت، فخرج وهو يقول: الله اكبر، سكوتها إقرارها.
جهازها عند زواجها:
أما جهازها (عليها السلام) فقد ذكروا أنه: قميص بسبعه دراهم، وخمار بأربعة دراهم، وقطيفة سوداء خيبرية، وسرير مزمل بشريط، وفراشان من خيش مصر، حشو أحدهما ليف وحشو الآخر من صوف الغنم، وأربع مرافق من أدم الطائف حشوها اذخر، وستر رقيق من صوف، وحصير هجري، ورحى لليد، ومخضب من نحاس، وهو إناء تغسل فيه الثياب، وسقاء من أدم، وقعب للبن وشن للماء، ومطهره مزفته، وجرة خضراء، وكيزان خزف، ونطع من أدم، وعباءة قطوانية وقربه ماء، فلما عرض ذلك على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): جعل يقلبه بيده ويقول: بارك الله لأهل البيت، وفي رواية، إنه لما وضع بين يديه بكى ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم بارك لقوم جل آنيتهم الخزف.
شيء عن فدك:
في معجم البلدان، فدك بالتحريك وآخره كاف، قرية بينها وبين المدينة يومان، وقيل ثلاثة، فيها عين فواره ونخل كثير، افاءها الله على رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في سنة سبع صلحا.
وروى البخاري في صحيحه في باب فرض الخمس، عن عائشة أم المؤمنين، أن فاطمة (عليها السلام) ابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سألت أبا بكر الصديق، بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أن يقسم لها ميراثها مما ترك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مما أفاء الله عليه فقال لها: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لا نورث ما تركناه صدقة، فغضبت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهجرت أبا بكر، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت، و عاشت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ستة اشهر، قالت و كانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من خيبر و فدك و صدقته بالمدينة، فأبى عليها ذلك.
وروى البخاري في صحيحه أيضا في كتاب المغازي، في غزوه خيبر مثله إلى أن قال: فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته، فلم تكلمه حتى توفيت، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا و لم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها.
وروى ابن سعد في الطبقات بسنده عن عروه بن الزبير، أن عائشة زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أخبرته، أن فاطمة بنت رسول الله سالت أبا بكر بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، أن يقسم لها ميراثها مما ترك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مما أفاء الله عليه، فقال لها أبو بكر: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لا نورث ما تركناه صدقة، فغضبت فاطمة وعاشت بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ستة اشهر.
وروى البخاري في باب قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا نورث ما تركناه صدقة، بإسناده عن معمر عن الزهري عن عروه عن عائشة، أن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهما حينئذ يطلبان أرضه من فدك وسهمه من خيبر، فقال لهما: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول، لا نورث ما تركناه صدقة، إنما يأكل آل محمد من هذا المال، قال، فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت، وهكذا رواه الإمام احمد عن عبد الرزاق عن معمر، ثم رواه احمد عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه عن صالح بن كيسان عن الزهري عن عروه عن عائشة، أن فاطمة سألت أبا بكر بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ميراثها مما ترك مما أفاء الله عليه فقال لها: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لا نورث ما تركناه صدقة فغضبت فاطمة وهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت، قال وعاشت فاطمة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ستة اشهر، وذكر تمام الحديث، هكذا قال الإمام احمد ونقله ابن كثير في تاريخه.