يسرنا أن نُعلم الشعب العربي من المحيط إلى الخليج، ونُعلم الشعب العراقي من جسر إبراهيم الخليل شمالا حتى كاظمة جنوبا، وكذلك يسرنا أن يطلّع جميع السادة من محللين ومتابعين وراصدين ومسئولين، فلقد أقرّت المفوضية الأوربية قانونا يتيح بموجبه إصدار جوازات السفر إلى الخيول والحمير المقيمة في الإتحاد الأوربي والخبر هو:
( قررت المفوضية الأوربية ومنذ بداية العام 2009 أن تحمل الخيول والحمير التي تقيم بصورة دائمة داخل الإتحاد الأوربي جوازات سفر خاصة، وتكون داخل شرائح الكترونية صغيرة مزروعة تحت الجلد ، أي في عنق الحيوان، وفيه رقم مسجل على قاعدة للمعلومات)..
ولقد علّقت مفوضة شؤون الصحة في الإتحاد الأوربي السيدة ( أندرولا فاسيليو) قائلة ( إن النظام الحالي لتعريف الحيوان،وتحديد الهوية الحديثة).
وتعليقنا على جهودهم وأعمالهم وإخلاصهم وتنظيمهم هو:
بوركت جهودكم المخلصة، وبورك ترتيبكم وقفزاتكم القانونية والتكنولوجية، وبوركت نشاطاتكم التي من خلالها جعلتم التكنولوجيا خدمة للإنسان في بلدانكم، وخدمة للحيوان في السنين المقبلة، ونتمنى من الله أن نُزرق كمواطنين عراقيين بجواز سفر عراقي نوع ( ج) ومهما كان حجمه وعدد أوراقه، وعلى الأقل للذكرى، لأنه لا قيمة له بين الدول، وأن صاحبه وحامله مشبوه بألف تهمة و إستباقيا .
نعم يا سادتي في أوريا وبلدان العالم الأخرى ..
أن المواطن الحقيقي في العراق يريد جواز سفر ورقي، وحتى لو كان على شكل دفتر فئة 60 ورقة ، ومهما كانت التواقيع التي في داخله للفطاحل الجُدد، ويكون للبشر، وليس للخيول والحمير .
فالمواطن العراقي الذي لديه شعور بالوطنية ، ولديه حميّة على وطنه وشعبه ودينه ومجتمعه وأمته ومستقبل أجيال بلده ممنوع من جواز السفر العراقي (ج)، والسبب لأنه عربي و يفكّر، لأن التفكير أصبح ممنوعا في العراق، و يقود صاحبه نحو القدرة على فرز الأوراق والوجوه وقراءة الطلاسم، وكسر التعتيم ورفض ثقافة الإستحمار والتخدير، وبالتالي سيشكل خطرا على الديمقراطية الوافدة، وعلى الدستور فئة الجبنة السويسرية، وخطر على المرجعيّة الأميركية النجفيّة، وعلى مستقبل العملية السياسية في العراق!.
فالجواز العراقي أصبح سهلا جدا لغير العراقيين، وخصوصا إذا كانوا من جنسيات الدول اللاعبة في العراق، والداعمة لبعض الأحزاب والحركات والجماعات والعصابات والمليشيات المهيمنة على العملية السياسية في العراق ، فالبورصات وما شاء الله تعمل على قدم وساق في البعثات (السفارات) العراقية لمنح الجواز العراقي لمن يدفع بالدولار ، ومجانا لمواطني الدول التي لها سطوة داخل العراق، وخصوصا السفارات التي تُقاد من قبل الأئتلاف والتحالف.
أما المواطن العراقي وخصوصا (المواطن الحر والحقيقي والعربي العروبي) فعليه الانتظار لأشهر طويلة وربما لسنوات كي يحصل على جواز السفر، أو يدفع رشوة إلى العصابات والسماسرة التي تتخادم مع ( معظم) القنصليات العراقية في الخارج، ومع مكاتب جوازات السفر في داخل العراق ، وهناك رشاوى مالية ( ورقية) ،وأخرى رشاوى جسدية وليالي حمراء، ولكن بعض ضباط الجوازات في الداخل يستلمون معاملات المواطنين من بورصات السماسرة ومن المقاهي، ويسلمونها في المزارع النائية، أو في المقاهي، أو في بيوت خاصة مقابل الرشوة الورقية الدولارية أو الرشوة الجسدية!.
أما في الخارج فأن ختم جوازات السفر العراقية يكون في المراقص الليلية ( الديسكوات) وفي علب الليل الأخرى ، أو في الفنادق مقابل المقسوم الورقي أو الجسدي أو الذي يمر على قناني الويسكي والطرب وهز الأخصار(( ولكن لا يجوز التعميم، لأن هناك فئات شريفة ومخلصة ،ولكنها قليلة جدا جدا، وأنها معرضة للعدوى، فالأمام علي بن أبي طالب عليه السلام حذر وقال ــ لا تربط الجرباء قرب صحيحة .. خوفا على الصحيحة تُجربُ....!! ))
ولم تنته القضية عند هذا الحد، فهناك شرائح عراقية ممنوعة أصلا من الحصول على جواز السفر، و بأوامر ديمقراطية عليا ، فهناك عددا من العراقيين ومنهم دبلوماسيين وصحفيين وكتّاب، وأساتذة جامعات ومن مهن أخرى ممنوع عليهم الحصول على جواز السفر العراقي بحجة أنهم من المعارضين للعملية السياسية ، ومن المعارضين للاحتلال ، أو من الذين لم يشتركوا في الإنتخابات والإستفتاء على الدستور، وهذا يعني أن الاحتلال قد أصبح ميزة شريفة ،ونقيّة وترفع الرأس وبالتالي فأن من يؤيده هو الوطني والشريف والمخلص! .
وهنا لا نعني أن كل من حصل على جواز السفر العراقي هو من المؤمنين بالعملية السياسية، أو أنه من المؤيدين للاحتلال الأميركي ، ولكننا نتكلم عن الشرائح التي فضلت عدم السكوت، ورفعت صوتها في النقد طلبا للتصحيح ،وطلبا للتوضيح، وطلبا للحرية والتحرير، لهذا الشعب المظلوم، ولهذا الوطن الجريح، ويفترض أن يكون هؤلاء في الصفوة، وفي المقدمة ويُمنح لهم جواز السفر وهم في بيوتهم ومكاتبهم وأعمالهم لأنهم شجعان ولأنهم أحرار، ولأنهم صوت الحق وصوت الحرية، وأنهم يساعدون الشرفاء ( المحجمين) في العملية السياسية ليأخذوا دورهم، ويفرضوا رأيهم على المحتل الأميركي، ويكونوا قاعدة ضاغطة عليه لمصلحة الشعب والوطن ومستقبل الأجيال العراقية المغلوب على أمرها...
كل هذا لم يحدث، بل أن حكومة السيد المالكي تعامل من ينتقد، ومن يعارض، ومن يكتب، ومن يهزج بأنه إرهابيا وتكفيريا وصداّميا، وبالتالي يجب إسكاته وتحجيمه مع منع أن يكون مواطنا عراقيا، أي عدم منحه جواز السفر العراقي وعدم تسهيل معاملاته، وأن دخل العراق فهو مفقود، وأن خرج منه سالما فهو مولود !.
فعلى سبيل المثال:
فلقد مورست جميع التعليمات الصارمة ضد أحد الدبلوماسيين السابقين وضد أحدالكتّاب الوطنيين، أي صدرت تعليمات بعدم منحهما جواز السفر العراقي، والسبب وعلى لسان ضباط الجوازات لأنهمايعارضا للعمليّة السياسية، من الرافضين للاحتلال ، ولقد مورست تلك التعليمات الصارمة ضد عدد كبير من العراقيين، وبمقدمتهم الكتاب والصحفيين والدبلوماسيين السابقين وضد الناشطين ( المعارضين) ونحن نعرف عددا من هؤلاء .
لا بل أن ( معظم) البعثات العراقية أصبحت تتضايق عندما يراجعها هؤلاء ، بل ترفض حضور هؤلاء العراقيين للفعاليات الوطنية والنشاطات الأخرى، والتي يحضرها في بعض الأحيان الصهاينة في الخارج، ولكنهم يمنعون حضور بعض الشخصيات العراقية، والتي هي أكثر عراقية من ناحية الأصل والعِرق والنسب والولاء للعراق من بعض الدبلوماسيين والسفراء أنفسهم، وبحجة أن هؤلاء يعارضون الاحتلال والعمليّة السياسية، ومن المؤكد أنها تعليمات عليا من وزارة الخارجية العراقية، ومن الحكومة العراقية التي لا تدري ما يدور في وزاراتها ،وبعثاتها في الخارج!.
ولقد سمع أحد المسئولين العراقيين الكبار والمقربين من المحتلين الأميركان بأن هناك مجموعة ممنوعة من الحصول على جواز السفر العراقي ومنهم هذا الكاتب الوطني فتبرع هذا المسئول، وعلى أنه وطنيا وصارما مع المحتل ( هكذا أراد تقديم نفسه) وبعد أن رفض هذا الكاتب والمجموعة التي معه في بداية الأمر، وقرروا عدم قبول عرضه، وعدم قبول استلام جواز السفر العراقي بطريقة المكرمة، أو العطف أو المساومة، والسبب لأنه الحق الطبيعي لهم ، وهو حق طبيعي لأي مواطن عراقي، ومهما كان عرقه ومذهبه ونسبه وطوله وعرضه وهويته ونوع عمله، فالمهم أن يكون عراقيا بالسكن والنسب والعِرق والقبيلة والانتماء والولاء، ولكن بعد أن ضغط عليهم بعض الإخوة بأن يوافقوا على مبادرة هذا المسئول فوافقوا بتحفظ!!.
فأعطيت المعلومات المطلوبة له ومعها الأوراق الثبوتية، ولكن كان في دواخلهم توجس كبير، خصوصا وأن هذا المسئول هو مقرّب من المحتل الأميركي في بغداد، ومن ثم يدير دائرة مهمة وبالمشاركة مع المحتلين ، فكيف يكون هذا الرجل وطنيا، وبنفس الوقت خادما للمحتل ، فهي ازدواجية غريبة ، ولكن مع هذا وافقت المجموعة مع التحفظ ومن باب الإختبار، وسمعنا أن مديرية الجوازات في العراق قد اعترضت على إصدار الجوازات بحجة أن هذه الأسماء تعارض العملية السياسية، ويجب عدم منحها جوازات السفر العراقية ، فضغط عليهم بشخصه ( هكذا أعلمت المجموعة وعلمنا نحن) فتم إصدارها، ولكنه أحتفظ بها لأشهر،وأخذ يساوم أصحاب الجوازات بطرق مختلفة، وأستمر التسويف لأشهر طويلة ،وعن طريق خطوط عامله معه تعطي حلاوة من اللسان، فتعجوا وتعجبنا معهم، وعرفنا بعد ذلك أن الهدف هو احتواء أقلام وحناجر ومعارضة ونشاطات هؤلاء الناس ،وتعطيلها من خلال الإدعاء بالوطنية التي يتبناها هذا المسئول، وتعترف المجموعة بأنها تراخت في بعض الملفات نتيجة مصداقيتها وحبها للعراق ونتيجة قرارها أن تعطي هذا المسؤول وغيره فرصة، وعسى تنتصر الوطنية التي يدعيها هذا المسئول على الخدميّة للمحتل والتي في شخصه وعمله، ولكن مع ذلك قررت المجموعة رفض المساومة ، وإنهاء المسرحيّة السمجة، والتي حتما هي بعلم زملاء هذا المسئول من الأميركيين والبريطانيين، فتم جوابه بما يلي:
( لن تكون حرا، ولن تنتصر على الازدواجية التي تعشعش في داخلك، فأنت تطبّق شعار ــ أشتهي وأستحي ــ وهو شعار من ليس لهم الشجاعة والشخصية ، وبالتالي فأنتم تعلمتم الكذب والتسويف من سيدكم المحتل، و لن تتمكن من خداعنا و تطويعنا، أو الالتفاف علينا لمصلحة أسيادك الذي عاثوا في العراق فسادا .. وبالتالي فجوازات السفر التي عندك والتي تمارس التسويف في عملية إيصالها لنا، ننصحك بوضعها في الماء لثلاث ليال وبعدها أشرب الماء، وبعدها ضع هذه الجوازات تحت وسادتك عسى يكرمك الله بحلم ينقذك من الازدواجية التي تعيشها، وعسى ينقذك الله من خدمة من أهان وأغتصب وعاث فسادا في بلدك وشعبك ، ولا نجامل سوف يأتي اليوم الذي سنحاسبك به، ونحاسب جميع العملاء الذين ساوموا على الوطن والشعب، والذين ساومونا حتى على حقوقنا الوطنية المشروعة ومنها جواز السفر ....! وأعلم : أن أميركا لن تدوم لكم، وأن العميل لديها كمنديل ورقي، فحال استعماله ترميه في النفايات، فهذه هي أميركا مع العملاء... وتذكروا كيف تعامل القائد الفرنسي نابليون بونابرت مع الجاسوس السويسري عندما أراد مصافحته، فقال له نابليون: أنا لا أصافح العملاء والخونة، فخذ كيس النقود وأنصرف !!)
والسؤال:
متى ينتهي مسلسل تهافت حكومة السيد المالكي وأعضائها أمام الأميركان الذين يحتلون العراق بطرق بربرية وهمجيّة؟
ماذا سيقول هؤلاء الحكام والمسئولين إلى شعبهم بعد رحيل المحتل، أو بعد الانتهاء من خدماتهم، أي عندما يُقرر المحتل طردهم وإنهاء خدماتهم؟
ماذا سيقول هؤلاء يوم نسألهم الأسئلة التالية:
لماذا رفضتم منحنا جوازات السفر العراقية، وزايدتم على وطنيتنا ، فهل أنتم أشرف منّا، فنريدكم أثبات ذلك وإلا؟
لماذا هجّرتم الملايين، وغيبّتم وسجنتم وخطفتم الآلاف من العراقيين؟
لماذا استوليتم على بيوت ، ومزارع، وأراضي، وشركات ، ومعامل الناس الأبرياء... وتحت أية بند وقانون؟
لماذا استحوذتم على خيرات، وثروات، وتراث، وآثار العراق والشعب العراقي وأصبحت ملكا صرفا لكم؟
لماذا كنتم سببا بقطع أرزاق آلاف العراقيين الأبرياء، وكنتم سببا في انحراف مئات النساء والأطفال العراقيين؟
لماذا قدمتم الغرباء والمستوطنين والوافدين على أبناء العراق الحقيقيين والأصلاء؟
لماذا مارستم الطائفية، والإثنية، والعرقية، ونشرتم الخزعبلات والانحراف والإستحمار .. ولمصلحة من؟
لماذا مارستم الاجتثاث الوظيفي والسياسي والوطني بحق شرفاء وأبناء العراق؟
لماذا سيّدتم الفاشلين ، والمنحرفين، والأميين على دوائر ومؤسسات الدولة العراقية؟
والسؤال الأخير:
كم ستعيشون ، وكم ستحكمون ، وكم ستبقون بحماية حِراب المحتل؟
الكاتب سمير عبيد