الإمام محمد الباقر (57 هـ - 114 هـ).
هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف بمحمد الباقر(57 هـ - 114 هـ)، وهو ابن علي بن الحسين زين العابدين، أمه فاطمة بنت الحسن بن علي بن أبي طالب ويكنى بأبي جعفر من فحول علماء الإسلام، حدث عن أبيه، له عدة أحاديث في الصحيحين وهما من كتب الحديث عند أهل السنة ،و كان من الاخذين عنه أبو حنيفة وابن جريج والاوزاعي والزهري وغيرهم، قال محمد بن مسلم : سألته عن ثلاثين ألف حديث، وقد روى عنه معالم الدين بقايا الصحابة، ووجوه التابعين، ورؤساء فقهاء المسلمين.
و هو الامام الخامس عند الشيعة الإمامية (الإثنا عشرية) و(إسماعيليون). لقب بالباقر لبقره العلوم بقراً.
ولادته وأولادهولد الإمام الباقر (عليه السلام) في المدينة المنورة في الأول من رجب وقيل الثالث من صفر في عام 57 هـجري، زوجاته : أم فَرْوَة بنت القاسم وأم حَكيم بنت أُسَيْد الثقفية.
أولاده: الإمام جعفر الصادق وعبد الله وإبراهيم وعبيد الله وعلي وزينب وأم سلمة. وكان سبب وفاته في السنة المذكورة أعلاه مسمومًا على يد الخليفة هشام بن عبد الملك.
فقه وروايات الباقر بين أهل السنة والجماعة والشيعة الإثني عشرية
نظرة الإثنا عشرية لفقه وروايات محمد الباقرتؤمن الطائفة الإثناعشرية بعصمة الإمام محمد الباقر كعصمة الرسول ، إلا أنه ليس بنبي، وبالتالي فإن الامام محمد الباقر غير خاضع للجرح والتعديل، كما أن فقه أهل البيت عليهم السلام وتعاليمهم التي تثبت عنه ويتم ثبوت صحتها عنه فلا يجوز تجاوزها أو الاعتراض عليها، « فالحديث عند الشيعة الإثناعشرية هو كلامٌ يحكي قول المعصوم أو فعله أو تقريره، وبهذا الاعتبار ينقسم إلى الصحيح ومقابله، وبهذا عُلم أن مالا ينتهي إلى المعصوم ليس حديثاً، وأما العامة (يقصد أهل السنة والجماعة) فاكتفوا فيه بالانتهاء إلى أحد الصحابة والتابعين، ولأجل التمييز بين القسمين ربما يسمّون ما ينتهي إلى الصحابة والتابعين بالأثر.[1]».
علمه كان زاهداً عابداً كسائر أهل البيت والصحابة الكرام من الرَّعيلِ الأول، الذين كانت العبادة والزهد أهم السِّمات وأبرز الصفات التي تظهر فيهم بجلاء، وتبدو للناظرين في سيرتهم، فقد كان وِرْدُ الإمام الباقر في الليل والنهار مائةً وخمسين ركعة.. لم يركن إلى نسبه، ولا خَلَدَ إلى حَسبِه، بل شمَّر واجتهد، وتعبَّد وزهِد. وكان يقول: «هل الدنيا إلا مركبٌ ركبتُه، وثوبٌ لبسته». وقد بلغ من العلم درجةً عاليةً سامية، حتى إن كثيراً من العلماء كانوا يرون في أنفسهم فضلاً وتحصيلاً، فإذا جلسوا إليه أحسُّوا أنهم عِيالٌ عليه، وتلاميذٌ بين يديه، ولذلك لُقِّب بالباقر: من بَقَر العلم أي شَقَّه، واستخرج خفاياه، وقد كان إلى جانب علمه من العاملين بعلمهم؛ فكان عفَّ اللسان، طاهرَ. اقرأ هذه المناظره للامام سلام الله عليه مع النصراني عن عمرو بن عبد الله الثقفي قال أخرج هشام بن عبد الملك أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام من المدينة إلى الشام، وكان ينزله معه، فكان يقعد مع الناس في مجالسهم، فبينا هو قاعد وعنده جماعة من الناس يسألونه إذ نظر إلى النصارى يدخلون في جبل هناك فقال : ما لهؤلاء القوم ؟ ألهم عيداليوم ؟ قالوا لا يا ابن رسول الله، ولكنهم يأتون عالما لهم في هذا الجبل في كل سنة في هذا اليوم فيخرجونه ويسألونه عما يريدون وعما يكون في عامهم، قال أبوجعفر : وله علم ؟ فقالوا : من أعلم الناس، قد أدرك أصحاب الحواريين من أصحاب عيسى عليه السلام، قال : فهلم أن نذهب إليه، فقالوا : ذلك إليك يا ابن رسول الله، قال فقنع أبوجعفر رأسه بثوبه ومضى هو وأصحابه فاختلطوا بالناس حتى أتوا الجبل، قال : فقعد أبوجعفر وسط النصارى هو وأصحابه، فأخرج النصارى بساطا ثم وضعوا الوسائد، ثم دخلوا فأخرجوا ثم ربطوا عينيه فقلب عينيه كأنهما عينا أفعي، ثم قصد نحو أبي جعفر عليه السلام فقال له أسنا أنت أو من الامة المرحومة ؟ فقال أبوجعفر عليه السلام : من الامة المرحومة، قال : أفمن علمائهم أنت أو من جهالهم ؟ قال : لست من جهالهم، قال النصراني أسألك أو تسألني ؟ قال أبوجعفر عليه السلام : سلني فقال : يا معشر النصارى رجل من امة محمد يقول : سلني ! إن هذا لعالم بالمسائل. ثم قال : يا عبد الله أخبرني عن ساعة ماهي من الليل ولا هي من النهار أي ساعة هي ؟ قال أبوجعفر عليه السلام : ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، قال النصراني : فإذا لم يكن من ساعات الليل ولا من ساعات النهار فمن أي الساعات هي ؟ فقال أبوجعفر عليه السلام : من ساعات الجنة وفيها تفيق مرضانا، فقال النصراني : أصبت، فأسألك أو تسألني ؟ قال أبوجعفر عليه السلام : سلني، قال : يا معاشر النصارى إن هذا لملي بالمسائل أخبرني عن أهل الجنة كيف صاروا يأكلون ولا يتغوطون أعطني مثله في الدنيا، فقال أبوجعفر عليه السلام : هو هذا الجنين في بطن امه يأكل مما تأكل امه ولا يتغوط، قال النصراني : أصبت، ألم تقل : ما أنا من علمائهم ؟ قال أبوجعفر عليه السلام : إنما قلت لك : ما أنا من جهالهم، قال النصراني : فأسألك أو تسألني ؟ قال : يا معشر النصارى والله لاسألنه يرتطم فيها كمايرتطم الحمار في الوحل، فقال : اسأل، قال : أخبرني عن رجل دنا من امرأته فحملت بابنين جميعا، حملتمها في ساعة واحدة وما تا في ساعة واحدة، ودفنا في ساعة واحدة في قبر واحد، فعاش أحدهما خمسين ومائة سنة، وعاش الآخر خمسين سنة، من هما ؟ قال أبوجعفر عليه السلام.
هما عزير وعزره، كان حمل امهما ما وصفت ،ووضعتهما على ما وصفت، وعاش عزره وعزير، فعاش عزره وعزير ثلاثين سنة ،ثم أمات الله عزيرا مائة سنة وبقي عزره يحيا، ثم بعث الله عزيرا فعاش مع عزره عشرين سنة.
قال النصراني يا معشر النصارى ما رأيت أحدا قط أعلم من هذا الرجل، لا تسألوني عن حرف وهذا بالشام، ردوني، فردوه إلى كهفه ورجع النصارى مع أبي جعفر عليه السلام---نقلها إبراهيم العامري
من وصايا الإمام الباقر وحكمهأيّها الناس : أين تذهبون ؟ وأين يراد بكم ؟ بنا هدى الله أوّلكم، وبنا ختم آخركم، فإن يكن لكم ملك معجّل فإنّ لنا ملكاً مؤجّلاً، وليس بعد ملكنا ملك، لأنّا أهل العاقبة، يقول الله عزّ وجل : (والعاقبة للمتقين).
يا ذي الهيئة المعجبة، والهيم المعطنة : ما لي أراكم أجسامكم عامرة، وقلوبكم دامرة، أمّا والله لو عاينتم ما أنتم ملاقوه، وأنتم إليه صائرون، لقلتم : (يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).
أوصيك بخمس : إن ظلمت فلا تظلم، وإن خانوك فلا تخن، وإن كذبت فلا تغضب، وإن مدحت فلا تفرح، وإن ذممت فلا تجزع، وفكّر فيما قيل فيك، فإن عرفت من نفسك ما قيل فيك فسقوطك من عين الله جلّ وعزّ عند غضبك من الحق أعظم عليك مصيبة ممّا خفت من سقوطك من أعين الناس، وإن كنت على خلاف ما قيل فيك، فثواب اكتسبته من غير أن يتعب بدنك.
[عدل] المراجع والمصادر1.^ العلامة المُحقق آية الله الشيخ السبحاني : أصول الحديث وأحكامه ص 19