محمود عبدالله
أكثر الدراسات و البحوث إلتي تناولت تاريخ إيران السياسي أجمعت أن" الأستبداد"،هوالمتحكم في تاريخ هذا البلد، منذ لحظة حكم بني " ساسان -أردشير الأول" 226 ميلادية- لحظة التاسيس لمفهوم "الطاعة" ،عند ما حصل التزواج ما بين كل من "الملك" و "الدين"- في الثقافة الفارسية على أساس الطاعة – طاعة الناس الرعية- لََلملِك و الخضوع له لأنه أي المِلك هو حارس الملك و الدين معاً.
كما جاء في النص المعروف الذي وضعه أردشير الملِك الساساني " واعلموا أن الملك و الدين أخوان توأمان، لاقِوام لأحدهما إلا بصاحبه ".
و هذا الموروث- التؤظيف كما أطلق عليه -عبدالله العروي "النمط الآسيوي في الحكم"، أستمر منذ ذلك التاريخ ليومنا هذا متحكماً في الثقافة الإيرانية ؛ وإن اختلفت ظروف و مقاصد توظيفه .
أما "الديمقراطية" حضورها في إيران لم تتأصل في الوعي السياسي لذلك لم تجد طريقها للتطبيق- بل بقيت طموح ينأدي البعض اليه ،منذ أن أشير اليها أثناء ثورة الدستور- "المشروطة"1907م- ،والسبب وراء عدم تأصيل و تطبيق مفهوم الديمقراطية عائد إن إيران لم تحدث فيها ثورة ثقافية اقتصادية تغييرية تدفع نحو أضعاف وإبدال الأستبداد و نجاح الديمقراطية.
و الفاصلة كبيرة جداً بين المناداة بالديمقراطية كما تفعل النخب الإيرانية و بين العمل و الكفاح و التضحية من أجل إزالة موانعها و أسبابها،و هذا ما لم يعمل به بجدية ،و تاريخ إيران الحديث و المعاصر ملئ بالشواهد بأن الديمقراطية لم تقدم في سبيلها كثير من التضحيات، و لا تأصلت بجدية عند الدعاة لها .
و حتي فترة الأنفراج و سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية إلتي شهدتها إيران و سقوط "مصدق"، وفترة "خاتمي"- العمل بهما كان خاضعاً لضغوط و ظروف فرضتها مرحلة كل منهما حيث رجع الاستبداد ليمارس أكثر قوة و تصلب.
و أما موانع الديمقراطية هي ثلاث –
اولاً: طبيعية الثقافة الفارسية الطاردة للديمقراطية
ثانياً: هيمنة العقائد الايديولوجية القومية والدينية على الخطاب السياسي الإيراني الحديث
ثالثاً: عدم وجود معارضة ديمقراطية حقيقية إيرانية تدافع عن الديمقراطية و تقبل نتأنجها-
وقد شرحت في دراسة سابقة فهم الإيرانيين للديمقراطية وكيف يتم العامل معها،و من وجوه عده .
أذاً الحديث عن الديمقراطية في إيران أذا ما درس هذه القضايا الثلاث- يبقى حديث لا يعد به، و ليس أكثر من تسطيح للأمورو التهرب من مواجهة موانع تحقق الديمقراطية ، و تحديداً أذا صدر من طرف أهوازي أن كان مدافع عن الديمقراطية أو منفعل تجاه الديمقراطية فيرد عليها بسطحية، و لا يميز ما بين
"النظام الديمقراطي"- الذي حقق كثير من الأنجازات في الدول و المجتمعات الديمقراطية، و "النظام الاستبدادي"، الذي اوصل المجتمعات إلتي يتحكم بها إلي التخلف و الأزمات المتواصلة كما هو إيران .
و لا أيضاً يميز بين تجارب كل مجتمع و شعب، و الخطابات السطحية في هذا الشكل نسمعها و تكتب أحياناً بالأسلوب نفسه - ليس فقط حول الديمقراطية بل حول كثير من القضايا و المفاهيم أسلوب لا يفيد القارئ و لا يعالج مشكلة على مستوى الفهم ،و نرجوا من أصحاب الخطابات الانتباه لذلك.