لم يكن السستاني حدثا علميا بارزا ,ولم يكن مفكرا يمتلك منهجا
عقائديا مميزا ,بل انه حتى لم يتسنم منصب زعامة الحوزة العلمية
بعد جد وجهد جهيد ,اذ لعبت الصدفة وبعض المؤسسات
المخابراتية دورا كبيرا في تسنمه لهذا المنصب بعد رحيل السيد
السبزواري في منتصف التسعينات من القرن الماضي.
البيت المتواضع الذي يسكنه ,والتظاهر بالزهد ,والتقشف
والمسكنة ,كان سلاحه المؤثر والوحيد في كسب قلوب الملايين من
ابناء المذهب الجعفري,الذين قلدوا سماحته دون بحث أو نظر ,او
حتى تدبر ,لان غالبيتهم يتبعون ما يتبع أباؤهم ,دون ادنى
معرفة.
الرجل ,لم يكن خطيبا بارعا ,ولم يكن حكيما حاذقا ,ولم يكن
سياسيا بارعا ,بل حتى لم يكن من اولئك الرجال العظام الذين
يجوبون الشوارع والازقة ,وهم يحملون السمن والعسل ,يطرقون
ابواب الفقراء والارامل واليتامى ,يتفقدون أحوالهم ,ويلبون
حاجاتهم ,المعيشية والخدمية.
اذن ما هو السر الذي جعل من هذا الرجل يحصل على اجماع
وقبول كبير من الدول والاقاليم المجاورة ,الاسلامية والعلمانية
؟؟؟
من اجل تكريس الفرقة والانقسام وتعميق هوة الخلافات الطائفية
بين مسلمي العراق ,ودعم بعض الشخوص السياسية للوصول الى
سدة الحكم ,واحتكار الموارد والثروات ,من قبل الكتل السياسية
الحاكمة ,في العراق ,تم التوافق المبدئي ,عالميا ,واقليميا ,
على ابراز اسم السستاني كمرجع كبير ,يجب ان يطاع من الجميع
,فكان برانيه مفتوحا ,على مصراعيه ,لكل من هب ودب ,من
الداخل والخارج ,ليقتنع الرجل ,باصدار فتوتين مهمتين
وخطيرتين ,في نفس الوقت ,كانتا سببا كبيرا وواضحا ,في
تدمير البنى التحتية ,وشياع ثقافة النهب والسلب الامريكي
والطائفي ..
اولا
تجريد الجميع من السلاح ,ابان دخول القوات الغازية الى العراق.
ثانيا
مباركة الدستور البرايمري ,الذي تضمن فقرات عديدة ,تشجع
الانقسام وتكوين الاقاليم .
البعض من دعاة الزيف والباطل ,وصفوه ببطل السلام ,لانه
رفض محاربة الاميركان ,حتى وهم يضربون الصحن الحيدري
الشريف باالرصاص والقنابل ,ووصفوه بصانع الديمقراطية ,التي
قتلت أكثر من مليون عراقي ,برصاص المحتل والارهاب
والميليشيات الحكومية ,ووصفوه بصانع التحرير الاكبر ,
ولااعرف ماذا يعنون بذلك؟؟
من ضمن الذين شمروا سواعدهم واقلامهم الدنيئة ,لرفع شأن تلك
المرجعية البائسة ,المدعو علي الدباغ ,او علي مهدي جواد الدباغ
,الذي يشغل منصب الناطق الرسمي باسم مكتب رئاسة الوزراء
,منذ أكثر من ستة سنوات مضت ,دون أن ينطق لنا بخبر واحد
يحتمل وجها من وجوه الثقة والمصداقية.
الدباغ هذا ,يقول في احدى مقالاته ,المسماة ,؛سؤال لم تكتمل
الاجابة عليه؛,وهو يصف السستاني ,
؛يطالعك بوجهه الهاديء ,ونظراته العميقة بأن ورائهما جبلا من
الغموض ,فيدفعك الفضول لان تستنطقه لتكتشف بماذا يفكر
الرجل؛
الوجه الهاديء ,والنظرات العميقة ,والغموض ,والتفكير ,
لاتعني ان صاحبنا عبقري ,وفهيمة ,وعالم رباني ,فحتى الطفل
يكون في اغلب الاحيان ,هادئا ,وله نظرات عميقة ,ويكون
غامضا ,لاتعرف بما يفكر ,وماذا يريد ,الا اذا تعايشت معه
وفهمت بعض سلوكياته.
ثم يقول الدباغ ..
؛هذا الرجل ينام قليلا ,ويقرأ أكثر مما ينام ,ويفكر أكثر مما يقرأ؛
نحن نعرف ان الانسان العادي والسوي ,يحتاج الى ثمان ساعات
,للنوم ,لتنتظم العمليات الفسيولوجية في جسمه ,وثمان ساعات
للعمل ليأكل من عرق جبينه ,اذ نجد حتى الانبياء كانوا يعملون في
النجارة والتجارة والرعي والزراعة ,وثمان ساعات للعبادة ,
يرتبط بها بالملكوت الاعلى ,يستغفر ذنوبه ,ويطلب الرحمة
والرزق ,والعافية ..
السستاني ,هنا ,وحسب كلام الدباغ ,ينام قليلا ,اي اقل من
ثمان ساعات ,ربما سبعة ,او ستة ,او خمسة ,او اربعة ,او
ثلاثة ,او اثنتان ,او واحدة ,في الاقل ,وهذا شي اعجازي ,
وخرافي ,فحتى الاقوياء ,والاشداء ,من الرياضيين والشباب
,لايستطيعون ممارسة نشاطاتهم وفعالياتهم ,اذا لم يناموا ساعات
كافية ,تقوم اجسادهم ,وتريح عظامهم ,في الاقل سبع ساعات .
؛ويقرأ ,اكثر مما ينام ؛
الدباغ ,لم يخبرنا ,ماذا يقرأ السستاني ؟؟
هل يقرأ روايات اجاثا كريستي ,التي تحكي لنا قصصا خرافية عن
اللصوص والجريمة ؟؟
ام انه يقرأ النصوص المسرحية للشاعر الانجليزي شكسبير ,الذي
جمع بين الاسطورة والرومانسية ,في كتاباته؟؟
أم انه يقرأ آخر أخبار الصحف والمجلات العراقية ,التي تتضمن
بقاء القوات الامريكية في العراق ,بالفرض والقوة ,وصراع
الكتل السياسية على المناصب والكراسي السيادية في الدولة ,
وتعاقد المطربة العراقية شذى حسون مع شركة روتانا ,للظهور
في شاشات التلفاز ,ايام رمضان القادمة ,بلباس البحر ؟؟
كيف يثبت لنا الدباغ ,ان السستاني قادر على القراءة ,وهو
مصاب ومنذ فترة طويلة ,بمرض الماء الابيض ,في كلتا عينيه؟؟
؛ويفكر أكثر مما يقرأ؛
الدباغ هنا يستنتج ,ان السستاني ,يفكر كثيرا ؟؟
ربما يفكر ,بالسدر المخضود ,والطلح المنضود ,والحور العين
,والغلمان المطهرون ؟؟
او ربما يفكر بالمجاعة التي اصابت الشعب الصومالي ,بسبب
الصراع السياسي والفكري ,بين الاحزاب الموجودة هناك ؟؟
او ربما يفكر ,بمعركة هرمجدون ,وكم يهوديا سيقتل فيها ,وهل
سيكون حيا ,حينذاك ؟؟
او ربما يفكر ,بمؤسساته المالية والثقافية ,التي تمتد من شمال
الارض ,الى جنوبه ,باستثناء العراق ,والتي شيدها من اجل
خدمة الحوزة العلمية ,بشرط بقائها معزولة عن هموم واوجاع
المواطن العراقي ؟؟
من قال ان السستاني ,يجيد التفكير حتى ؟؟
ثم يقول الدباغ ,في مقالته ..
؛هذا السستاني الذي لايقبل ان يتم تصويره ؛
وهذا كذب ودجل وافتراء ,لان السستاني ,يمتلك الآن ملايين
الصور ,في البيوت ,والفنادق ,والازقة ,ودوائر الدولة ,
المدنية ,والعسكرية ,في ممارسة دكتاتورية اخرى ,تذكرنا
بممارسات الدكتاتور البعثي السابق .
ولو فرضنا ,ان السستاني ,لايقبل التصوير ,فهل سيضيف هذا
الامر ,للدين ,والوطن ,والمواطن العراقي ,شيئا يحمد عليه؟؟
ثم يقول الدباغ..
؛ولايخرج على الملأ ليخاطب العموم ,او كما يسمونهم العوام ؛
ولاادري ماذا يريد الدباغ من ذلك ,فهو يصف السستاني ,
بالغموض ,وبكثرة القراءة ,وبكثرة التفكر ,ثم ينبري لنا قائلا
,بانه يرفض التكلم مع العوام ,لان هذا يعني امرا من امرين
اما انه لايجيد الكلام ,ولايعرف لغة التخاطب مع العوام ,الذين هم
من ارض الرافدين ,الذين يتكلمون اللغة العربية ؟؟
واما انه فارغ ,لايمتلك شيئا ليتكلم به ,معنا ,نحن العوام ؟؟
ثم يقول الدباغ ,الذي كان يمتلك صالة للعب القمار في مدينة
الشارقة ,قبل سقوط بغداد..
؛هذا السستاني امتنع عن الخروج لعتبة بيته احتجاجا على المحتل
الذي قدم العراق ؛
الدباغ كان اول الداخلين الى العراق مع المحتل ,ولولا المحتل ,
لما عرف الدباغ كيف يرتدي ربطة العنق؟؟
والدباغ ,يعرف ان نساء مدينة البصرة والعمارة ,خرجن"
محتجات ضد الاحتلال ,وهن" يحملن"البنادق والقاذفات ,
منشدات ,
يا حوم اتبع لو جرينه ؟؟
ياعيب الشوم ,على رجل يحتج على الاحتلال ,بعدم خروجه من
بيته ,ويحتج على نظام صدام ,بعدم خروجه من بيته ,ويحتج
على سرقة اموال وثروات العراق ,بعدم خروجه من بيته ,ويحتج
على قصف بلاد فارس ,لابنائنا في شمال العراق ,بعدم خروجه
من بيته ؟؟
اية حماقة تلك ؟؟
يقول بريمر في مذكراته ..
؛شجع القادة الشيعة، بمن فيهم آية الله السيستاني، اتباعهم علي
التعاون مع الائتلاف منذ التحرير (ص: 75). وأكد بريمر
؛أنه كان علي اتصال دائم بالسيستاني للاستفادة من استخدامه في
السيطرة علي الشعب العراقي، لكن ذلك لم يتحقق بالصلة المباشرة
بل كان يتم عبر وسطاء عدة منهم حسين الصدر، وموفق الربيعي،
وعماد جعفر، واحياناً عادل عبد المهدي واحمد الجلبي.؛
فالسيستاني يفضل أن لا يجتمع مع أحد من الائتلاف لأنه كما فسر
ذلك أحد مساعدي بريمر، لا يحتمل ان يُشاهد علناً بأنه يتعاون مع
القوي المحتلة، فثمة أطياف لسنة 1920، وما صاحبها، وعليه أن
يحمي جانبيه من المتهورين مثل مقتدى الصدر ، لكن آية الله
سيعمل معنا. فنحن نتقاسم الأهداف نفسها
ولكي لا يسيء بريمر فهم السيستاني، لم يبخل السيستاني في أن
يرسل رسالة له يبلغه؛ أنه لم يمانع الاجتماع به بسبب عدائه
للائتلاف ، بل ان تجنب الاتصال العام مع الائتلاف يتيح له أن يكون
ذا فائدة أكبر في مساعينا المشتركة، وأنه قد يفقد مصداقيته في
أوساط المؤمنين إذا تعاون علناً مع مسؤوليّ الائتلاف ؛؟؟؟
يبدو ان الدباغ اراد في مقاله هذا ,ان يكتسب شيئا من احترام
المرجعية النائمة ,لكنه جنى شر اعماله ,ليكون هذا المقال الساذج
,ضربة قاصمة اخرى ,تتلقاها المرجعية من اتباعها ,الحمقى ,
الذين يريدون ان ينفعون ,فيضرون .
يقول الامام علي عليه السلام ..
: الأحمق إن استنبه بجميل غفل
،
وإن
استنزل عن حسن نزل ،
وإن حمل
على جهل جهل ،
وإن حدث كذب ،
لا يفقه ،
وإن فـُقـّه لا يتفقه ؟؟؟