يقول سماحة الشيخ حسن الصفار في محاضرة له في اليوم السادس من شهر محرم لعام 1430هـ تحت عنوان «عالم الدين وشجاعة الرأي» " إن علماء الدين هم شريحة، وهذه الشريحة الله سبحانه وتعالى وفقهم لدراسة العلوم الشرعية ويفترض ان نفوسهم وأخلاقهم قد تشذبت وتهذبت بأخلاق الدين والتعاليم الدينية ﴿ انما يخشى الله من عباده العلماء﴾. ولكنهم بشر وباعتبارهم بشر فهم غير معصومين "
ويقول الشيخ : " الصراع في الوسط الديني في بعض الاحيان يكون حادا ونحن نلحظ في التاريخ الماضي والحاضر كيف انه في الوسط الديني تحصل صراعات، لدينا نصوص واحاديث انه في الوسط الديني وفي وسط العلماء وفي كل شريحة من الشرائح قد تبتلى بمرض من الامراض، الحديث المروي عن النبي «ستة يدخلون النار قبل الحساب» فيذكر من ضمن هذه الستة الأمراء بالجور والتجار بالخيانة و«العلماء بالحسد» يتحاسدون فيما بينهم، وينقل الشيخ يوسف البحراني رحمه الله في الحدائق الناظرة يقول وردت جملة من الروايات التي تدل على وجود التحاسد بين العلماء وان نصيبهم فيه اكثر من نصيب بقية الناس "
للأسف في بعض الاحيان حينما يحصل خلاف بين علماء الدين لا يتم فيه مراعاة الجانب الشرعي والاخلاقي، والغريب انهم يدعون الى الاقتداء بأهل البيت الأطهار ولكن للأسف هم لا يقتدون بأخلاقهم، بل يستخدمون اسلحتهم المحرمة شرعا ويبدءون بالتراشق المتبادل، في بداية الأمر يلجئون الى الغيبة والذين هم انفسهم يحثون الناس على اجتنابها ويؤكدون على حرمتها من على اعواد منابرهم! ومن ثم تصل إلى السخرية والاستهزاء والسب والشتم والسعي الى الايذاء بشتى الطرق وتنتهي بالاتهام في العرض وتشويه السمعة والاتهامات الباطلة والغير اخلاقية، وحدث ولا حرج من بقية الصفات والاساليب التي لا تليق بالمؤمن العادي فضلا عن عالم الدين، وبطبيعة الحال سينقلون هذا المرض الخبيث لاتباعهم، أي من يصلي خلفهم ويستمع لمحاضراتهم ويجالسهم وهؤلاء يعتبروهم قدوتهم وهذا أمر في غاية الخطورة لانهم سيتربون على هذا المنهج.
اما بعض الناس تصبح لديهم ردة فعل عندما يعايشون مثل هذه الخلافات فيبتعدون تماما عن علماء الدين والمساجد والحسينيات وجميع النشاطات الدينية، أما القسم الآخر يسعى للبحث عن غير هؤلاء العلماء المتراشقون ليخرج من هذه الدائرة النتنة، يقول لي أحد الاخوة " في رحلتنا الى ايران من بدايتها الى نهايتها ليس لدى مرشدنا الديني " عالم دين " حديث غير استغابة عالم الدين الذي يختلف معه!!!
ولكن في المقابل هناك نماذج واعية من علماء الدين وهم ممن يطبقون نهج النبي وآله الأبرار، فنحن نرى حينما يحصل بينه وبين عالم دين آخر خلاف كيف أنه يُحسن إدارته فلا يقابله بالمثل وانما يتجاهل الاساءات ويدعوا لعالم الدين المسيء بالتوفيق وطول العمر ويصرح بأنه يكن له كل التقدير والاحترام بل لا يسمح لأي شخص ان يذكره بسوء ابدا، ولا يتأثر بما يسمعه وانما يواصل جهوده وعطاءه بكل عزيمة واصراروهمة عالية ضاربا بكل مايثار ويقال عرض الحائط، وبطبيعة الحال سينقل هذا الخلق الرفيع الى اتباعه ولن يدخلهم في دوامة الفتن والصراعات والنزاعات وانما سيجعل اجوائهم مليئة بالمحبة واحترام الآخرين والعفو والتسامح والصفح والابتعاد عن الغيبة.
نعم هذا هو النموذج المشرق الواعي لعالم الدين الذي نحتاج إلى أمثاله في مجتمعنا، نسأل الله ان يهدي علماء الدين المُسيئين ويهدينا ويوفقنا ويوفقهم الى تطبيق أخلاق نبينا وائمتنا ويكثر من العلماء الذين يحثون الناس عن الابتعاد عن الغيبة والكراهية والضغينة والحقد والاساليب الغير أخلاقية.