لقد توهم الجهلاء بأن هناك تناقض بين قول الله تعالى :
{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } السجدة5
وبين قوله تعالى :
{تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ }المعارج4
نقول وبالله التوفيق
هذه الشبهة من الشبهات الفرعية التى يحاول النصارى أصطيادها للتشكيك فى القرآن الكريم حتى يتوهم البعض أن فيه تناقض .
وبأختصار شديد نرد على هذه الشبهة الفرعية التى تصيدوها من أختلاف زمن العروج الى السماء , فهو فى آية السجدة : ( أَلْفَ سَنَةٍ ) وهو فى آية المعارج (خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ )
ومع هذا الفارق العظيم فان الآيتين خاليتان من التناقض تماما
ولماذا ؟
(وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ }الحج47
وقوله تعالى :
{تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ }المعارج 4
وللجواب على ذلك : أقول – وبالله التوفيق
ابتداء فمن العلماء من توقف عن الخوض فى التأويل والجمع , وقال : هما يومان ذكرهما الله فى كتابه, الله أعلم بهما.
وممن نقل عنه هذا القول:عبد الله بن عباس رضى الله عنه .
أخرج الطبري من طريق أبى مليكة : أن رجلآ سأل ابن عباس عن يوم كان مقدره ألف سنة فقال : مايوم كان مقداره خمسين ألف سنه ؟
قال : انما سألتك لتخبرنى , قال : هما يومان ذكرهما الله فى القرآن , الله أعلم بهما , فكره أن يقول فى كتاب الله ما لا يعلم .
ثم هذه أقوال أخرى للعلماء :
أحدهما : أن هذا اليوم يختلف في طوله على الكافر عن المؤمن , فيطول هذا اليوم على الكافر ويخفف على المؤمن , وكلاهما يوم القيامة , فهو كألف سنة , وهوخمسون ألف سنة أيضا .
ومما يؤيد أن هذا اليوم يطول ويشق على الكافر ما يلي :
قوله تعالى : (فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ{9} عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ{10} ) المدثر
وقوله تعالى : {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيراً }الفرقان26
وقد ورد فى هذا الباب خبر ضعيف عن النبى صلى الله عليه وسلم من حديث أبى سعيد الخدرى أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : (فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) ما أطول هذا ؟ !
فقال النبى صلى الله عليه وسلم : " والذى نفسي بيده انه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا " الطبرى 34867 بسند ضعيف .
الثانى : أن اليوم المذكور فى سورة الحج (وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ }الحج47
هو أحد الأيام الستة التى خلق الله فيها السموات والارض .
ويوم الألف في سورة السجدة ( أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ) هو مقدار سير الأمر وعروجه اليه , ويوم الخمسين ألفا هو يوم القيامة .
الثالث : أن اليوم المراد باليوم الذى هو كخمسين ألف سنة هو ما أشرنا اليه في السؤال السابق مسافة ما بين العرش الى اسفل سافلين , فهذه المسافة تقطعها الملائكة في يوم , ولو قطعها أحدكم لقطعها في خمسين الف سنة .
وجه آخر :
أن ذلك خمسين الف سنة , قيل لمجرد التمثيل والتخيل لفاية ارتفاع تلك المعارج وبعد مداها . !
1 - لأنهما عروجان لا عروج واحد وعارجان لا عارج واحد .
2 - فالعارج فى آية السجدة الأمر , والعروج عروج الأمر .
3 – والعارج فى آية المعارج الملائكة , والعروج عروج الملائكة .
أختلف العارج والمعروج فى الآيتين . فاختلف الزمن فيهما قصرا أو طولا .
وشرط التناقض – لو كانوا يعلمون – هو اتحاد المقام .
آية السجدة : 5
(يدبر الأمر من السماء إلى الأرض) مدة الدنيا (ثم يعرج) يرجع الأمر والتدبير (إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون) في الدنيا وفي سورة سأل خمسين ألف سنة وهو يوم القيامة لشدة أهواله بالنسبة إلى الكافر وأما المؤمن فيكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا كما جاء في الحديث
آية المعارج : 4
تعرج) بالتاء والياء (الملائكة والروح) جبريل (إليه) إلى مهبط أمره من السماء (في يوم) متعلق بمحذوف يقع العذاب بهم في يوم القيامة (كان مقداره خمسين ألف سنة) بالنسبة إلى الكافر لما يلقى فيه من الشدائد وأما المؤمن فيكون عليه أخف من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا كما جاء في الحديث
*****
{مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }العنكبوت41