أدت التغييرات الدولية نتيجة الحرب العالمية الثانية بصعود نجم الولايات المتحدة الأمريكية حيث تم تبادل دور الهيمنة بين واشنطن ولندن. ومن ثم تم تعرف الجماهير العربية على الأمريكان من خلال دعم واشنطن المباشر للكيان الصهيوني الأمر الذي جعل الإنسان العربي غير معتمد على السياسة الأمريكية في المنطقة العربية بأسرها.
منذ قيام هذا الكيان والولايات المتحدة تقف مع''إسرائيل''،وقدمت لها الأموال والأسلحة والغطاء السياسي لكي يمر المشروع الصهيوني في المنطقة العربية وكل هذا نتيجة الدبلوماسية العامة ونشاط اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة والعمل المثابر وبناء علاقات وطيدة بين الصهاينة والمؤسسات الأمريكية خارج مراكز صنع القرار في واشنطن . فقد جعل اللوبي الصهيوني في أمريكا من المؤسسات الأمريكية أدوات ضغط على مراكز صنع القرار السياسي الأمريكي إلى حد أن استخدمت واشنطن حق الفيتو 29 مرة من أجل حماية ''إسرائيل'' من قرارات دولية كانت ستصدر في حقها. و في هذا السياق فقد أبدى آخر استطلاع للرأي في عام 2010 أجرته مؤسسة ''جالوب'' للاستطلاعات بأن تعاطف الشعب الأمريكي مع إسرائيل وصل مؤخراً إلى 63٪ ليصل إلى أعلى مستوياته منذ عشرين عاماً بينما تدنى عدد من يتعاطفون مع الفلسطينيين إلى 15٪ فقط. في هذا المضمار إذا نظرنا إلى الاختلاف في جدول أعمال معظم الرؤساء العرب عند زيارتهم للولايات المتحدة الأمريكية ومقارنتها بجدول أعمال رؤساء الوزراء الإسرائيليين فإننا سنجد اختلافاً شاسعاً يدل على تفاوت في تقدير مراكز التأثير في أمريكا. فبينما يقتصر جدول أعمال الرؤساء العرب عادة بلقاءات مع أصحاب أعلى المناصب في الحكومة الأمريكية يمتلئ جدول أعمال الإسرائيليين في عقد لقاءات إعلامية مع أشهر وسائل الإعلام الأمريكية واجتماعات مع أبرز رجال الأعمال من ''وول ستريت'' و أرمق القيادات في الكونجرس والجالية اليهودية بالإضافة إلى قيادات شعبية ومحلية . لذلك ليس غريباً أن تكون شعبية إسرائيل في أمريكا أضعاف شعبية الدول العربية و نجاح اللوبي الصهيوني على التواصل مع الشعب الأمريكي أكثر من اللوبي العربي. ففي الحين الذي يشكل الأمريكيون العرب نسبة كبيرة من سكان أهم مدن الولايات المتحدة كواشنطن ونيويورك ولوس أنجلوس وديترويت وبوسطون نرى أن اللوبي العربي ضعيف جداً مقارنة باللوبي الصهيوني وحتى اللوبي الفارسي(الإيراني) وكما أشرت سابقاً أن إسرائيل أصبحت البنت المدللة لأمريكا و في السياق نفسه استطاع اللوبي الفارسي أن يفوز بصفقات سلاح إبان الحرب الإيرانية العراقية وعدة مرات استطاع هذا اللوبي أن يؤجل عملية قصف مراكز البحوث النووية العسكرية الإيرانية المزعومة أمريكياً. حيث تعامل اللوبي الفارسي واللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة و اتضح هذا التعامل عبر العلاقات التجارية الإيرانية الإسرائيلية والعلاقات الاستخباراتية لكلا الدويلتين على حساب المصالح العربية التي تمثلت بدعم إيران للجيش الأمريكي إبان احتلال أفغانستان والعراق والتعاطي مع طهران ودورها المزعوم في الخليج العربي. ولهذا نرى أن واشنطن وضعت كمامة على فمها و أطرشت أذنيها وأعمت أعينها على ما جرى ويجري من تدخلات إيرانية سافرة في البحرين والإعدامات المستمرة في حق أبناء الشعب العربي الأحوازي العزل على يد الإيرانيين ومواصلة التفجيرات في العراق على يد عناصر الحرس الفارسي (الثوري الإيراني) وحصد أرواح الأبرياء من المواطنين العراقيين باستمرار. و في المقابل نرى أن الطرف الخليجي الذي يمتلك مقدرات استراتيجية عظمى للتعامل مع الولايات المتحدة وسياساتها في المنطقة العربية وإيران ونواياها التوسعية وإسرائيل وتعنتها لم يعد يتحرك حتى يومنا هذا. يعتقد الكثير من الاستراتيجيين أن ثالوث الكويت، البصرة، الأحواز أهم بؤرة جيواستراتيجية في العالم حيث يعتمد عليها العالم الصناعي نتيجة صادراتها النفطية، الأمر الذي يزيد من أهمية تلك المنطقة أكثر من مثيلاتها. فقد كشف أهمية هذا الموضوع، الاستراتيجي الأحوازي خزعل بن جابر(أمير عربستان ''الأحواز'' 1936-1863 م) وعمل حينها على بناء كتلة إقليمية تضم الأحواز والكويت والعراق وذلك من أجل الدفاع عن المصالح المشتركة لهذه البلدان أمام المد الفارسي (الذي باتت تتضح ملامحه بعد تغييرات سياسية شهدتها الساحة الإيرانية آنذاك) من جهة والحضور البريطاني المتمثل بشركة ''الهند الشرقية ''و شركة''الأخوان لينتش''و شركات بريطانية أخرى تعمل على تنقيب النفط في كل من الأحواز والكويت والعراق مدعومة بالأسطول البريطاني في الخليج العربي. إلى أن شاء القدر السياسي بعد انتصار الثورة البلشفية في روسيا التزارية في العام 1917وتلاقي مصالح الغرب و إيران حيث تحالف الفرس والبريطانيون الأمر الذي انتهى بسقوط دولة عربستان وأميرها وتفكيك هذا الثالوث لصالح إيران وبريطانيا في عام .1925 تم تغييب أحد أضلاع هذا الثالوث (الأحواز) من الساحة العربية والدولية منذ 1925 وصولاً إلى تغييب الضلع الآخر(البصرة) منذ احتلال العراق أمريكياً في سنة 2003 وتسلميه إلى إيران، نرى أن على الضلع الثالث المتبقي (الكويت) من هذا الثالوث الاستراتيجي والحيوي لدى الغرب والأمريكان على وجه الخصوص أن يلعب دوره الريادي والمزعوم وذلك بالاندماج في الدبلوماسية مع الجوار العربي الخليجي بدافع تكوين دور عربي خليجي فاعل ومؤثر في السياسة الإقليمية. بموازاتها تترتب على دول الخليج مسؤوليات كبيرة لردع المد الفارسي وتكافء الدبلوماسي مع الولايات المتحدة وتنشيط اللوبي العربي في أمريكا كي يستطيع مجلس التعاون أن يترك تأثيراً واضحاً على سياسات واشنطن في المنطقة العربية على وجه العموم والخليج العربي على وجه الخصوص. وتترتب نفس المسؤوليات على اللوبي العربي في الولايات المتحدة حتى يفلح بالمساهمة في صنع القرار الأمريكي ووضع حد لسياسات إيران الإقليمية وتدخلاتها غير الشرعية في شؤون بلدان عربية ذات سيادة كمملكة البحرين والعراق ولبنان وسوريا واليمن وشجب التجني الإيراني في حق الشعب العربي الأحوازي