تساءل ممثل المرجعية الدينية وخطيب الجمعة في كربلاء السيد احمد الصافي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في الحرم الحسيني في 5-8-2011م بقوله: من المسؤول عن ثقافة البلد؟! ومن المسؤول عن تهيئة المواطن إلى الاهتمام ببلده؟! ومن يتحمل هذه الأمور الجوهرية بالدرجة الأساس؟! عندما يذهب الإنسان إلى بلدان متعددة ويلتقي ببعض الشخصيات ويتعاطى مع بعض المجتمعات ينطبع في ذهنه تصور بأن ثمة مجتمعات تهتم ببلدانها وأخرى مصابة بعدم الإكتراث، وتابع : سيأتي الجواب إن المسؤولية هي مسؤولية الجميع ! صحيح هذا لابد أن تكون المسؤولية مشتركة، ولكن المسؤولية تختلف ممن بيده القرار عن الذي ليس له قرار!(في إشارة الى رئيس الحكومة نوري المالكي)
وأضاف الصافي إن ثقافة الاهتمام بالبلد ستنبثق منها مجموعة أمور ممكن أن تخفف عن كاهل المواطن، حيث إنه دائما ينظر إلى المسؤول مهما يكن موقع المسؤول ويعتقد المواطن بداخله إن هذا المسؤول سلوكه العام يمكن أن يمثل مشروعية لطريقة إدارة هذه المؤسسة أو الوزارة أو .. ولكن هناك بعض المشاكل مثلا ً هل تسمعون بتبديل أثاث المسؤول!! هناك حمّى يأتي المسؤول ويبدأ خصوصاً عندما يتسنم منصبه يبدأ بتبديل أثاث مكتبه بأسره !
ولفت إلى إن هناك بعض الفقرات المالية عندما تتجمع تحدث أرقاما مهولة ! والذي يأتي بعده أيضا يبدل الأثاث وبالنتيجة المجموعة القريبة ترى إن هذا السلوك سلوك جيد ولا من رقيب في البين فلنبدل الأثاث إذن! وإذا تفرز عندنا مجموعة هائلة تصل إلى ملايين الدولارات تتجمع بتبديل أثاث المسؤول المعظّم! الذي لا يأتي إلى هذا المكان إلا في اليوم بضع ساعات ومجموع السنة هو قد يكون خارج هذا المكتب! في حين إن الأثاث القديم لا يزال جديداً وجيداً يتحسر عليه كل إنسان ولكن يرمى به في المخازن أو خارج الوزارة!
وعقب السيد الصافي إن هذه الثقافة عندما نراها سوف تنعكس على الاهتمام بالبلد، المهم حضرة المسؤول المعظّم أن يكون مرتاحا! وأمثال هذه الأمور حدّث عنها ولا حرج، فروح المواطنة التي لابد أن تكون مزروعة في قلب هذا المسؤول ضعيفة إن لم تكن معدومة!
وتناول الصافي مشكلة الكهرباء التي وصفها بحلم العراقيين أن يستيقظوا ويجدوا اليوم الذي انتهت فيه مشكلة الكهرباء!! وتساءل: أليس جديراً بالمسؤولين أن يجتمعوا سوية أحزاب وكيانات وكتل لحل هذه المشكلة! ما الضير الآن أن تأتي وزارة وتقول إن ميزانية وزارتي بالرغم من أنها تخدم المواطن ولكن يمكن تأجيلها إلى السنة القادمة لتوفير الأموال اللازمة لحل مشكلة الكهرباء إن كان هناك عجز في ميزانية الكهرباء! لماذا لا يجتمع المسؤولون؟! وإذا اجتمعوا هل رأيتم اجتماعاً مهما! من غير المعقول أن تمر كل هذه السنين ومشكلة الكهرباء تراوح مكانها والعراق بلد صيفه أطول من شتائه وصيفه لاهب !! من غير المعقول الناس تعيش حياتها الطبيعية ! والمسؤول المحترم! حائر في بحث مشاكل جانبية أو لا يشعر بقطرة العرق في الصيف أن تمر على جبينه المبارك!!
وتحدث الصافي عن ضرورة أن يعي بعض المسؤولين النائمين إلى الآن وبما تحمل الكلمة من معنى! وخاطب هكذا مسؤولين بقوله: يا أخي انتبه إلى عظمة المسؤولية الملقاة عليك! كيانات سياسية شعارات طويلة وعريضة أين هذه الشعارات؟! اجتمعوا سوية لحل مشكلة البلد؟! إلى متى إبرام العقود وسوق الإيفادات؟! ما الذي يجري؟! وما الذي يحصل؟!
وفي السياق نفسه تطرق الصافي الآن لو نذهب إلى مطار بغداد سنرى في كل يوم هناك وفد يخرج من العراق ما بين حكومة المركز وما بين الحكومات المحلية !! إلى أين يذهب الإخوة ؟! هذا يذهب إلى الإيفاد وهذا يذهب إلى الشركة وهذا إلى العقد وهذا وهذا!! هل صحيح هذه الطريقة وعندما يذهب بمن يلتقي ولماذا يذهب وما هو التقرير الذي يجب أن يرفعه إلى مسؤوليه عند العودة؟! مع ما يترتب على هذا من صرفيات ؟!! غير الأشياء التي لا يستحسن ذكرها يفعل ما يفعل فيها المسؤول وبالنتيجة لا يهتم بتطوير بلده، ويمكن أن يُشترى هذا المسؤول بحفنة قليلة من المال وبالنتيجة عرفنا نقطة ضعف هذا المسؤول يُضخ عليه المال ويبقى البلد بلا تقدم!!
وتطرق الصافي إن بعض المسائل يُراد لها حل ولا يمكن أن تبقى عائمة في الفضاء، الفقير ينادي ويستصرخ ويستنجد في كل الوسائل، والمسؤول شعاره كلام ووعود فقط، لا احد يقترب من الآخر، فالمشكلة باقية على ما هي عليه ويبقى الوضع قائما بلا أدنى التفاتة!!
وقال السيد الصافي إن شعور المسؤول بمحبته لبلده ولناسه يجعله يفكر بالوسائل التي تخدم، وتجعله يتراجع عن مكتسباته الشخصية، كيف انا اطمئن لمسؤول لا يتنازل عن شيء زائد عنه؟! كيف اطمئن إن هذا المسؤول شخصيا ً ممكن أن يفكر بالناس ؟!!
وفي ختام الخطبة الثانية أكد سماحة السيد الصافي إن الخيرين كثيرون والكفاءات كبيرة، وطالب المسؤولين باعطائهم المجال والتعاون على البر لحل المشاكل التي تعصف بالبلد، وتساءل لماذا نحن الآن في أزمة الخدمات؟! لا تعرف المشكلة عند من حتى تأتى به وتقول له لماذا فعلت كذا وكذا وكذا ! ما نسمعه وعود في وعود في وعود إلى أن ينقطع النفس!! والبعض يستحل قضية الكذب لأننا في وضع حرج ولابد له أن يكذب على الناس! ولكن كيف للناس أن تطمئن مع هكذا مسؤول؟!! وتمنى أن يفكر المسؤول فقط في خدمته المواطن، وهو لا يزال ينتظر رحمة الله تعالى...