في هذه الحلقة سنكمل البحث في المرويات الخاصة بمقتل الإمام الحسين ونهضته والموجودة في كتب المقاتل والتاريخ والسير، والبحث في مسألة تنقيح السيرة الحسينية مما دخل فيها مما هو أجنبي عنها.
تنقيح السيرة الحسينية:
ينبغي أن يُشار إلى قضية مهمة وهي أنه لا ينبغي التشكيك في المسائل الثابتة بزعم تنقيح السيرة الحسينية، أو أننا لا نحب هذه الجملة أو تلك الواقعة، فنقوم بحذفها من السيرة، فهذا عمل خاطئ، بل هو خيانة للتاريخ لو كانت الجملة ثابتة والنص صحيحاً.
وقد صدر للأسف توجهان خاطئان في هذه القضية:
1) التوجه المتطرف: وهو توجه يصرُّ على أن كل ما في السيرة المنقولة في الكتب أو المحكية صحيح ـ من غير تحقيق ـ وأنه شيء مقدس لا تطاله يد التحقيق والمناقشة.
2) التوجه المشكّك: وهو توجه معاكس للأول تماماً، فهو يفترض أن الشك هو الأساس، وأن كل مالا يقبله عقله، أو لم يصل إليه علمه، فهو غير صحيح يجب حذف أسانيده، ولو كانت أسانيده تامة، ولا يترتب عليه محذور سوى مخالفته للمألوف أو المنهج الفكري الذي يتبعه ذلك الشخص .
وفي حين أننا لا ننكر وجود شاذ نادر من التزوير، إلا أن هذا النوع – كما يقول السيد جعفر مرتضى العاملي- في ندرته وفي تأثيره أشبه بالشعرة البيضاء في الثور الأسود؛ فلا يمكن أن يبرر ذلك إطلاق تلك الأحكام العامة الهادفة إلى نسف كل شيء .
ويمكن تقسيم بعض الأحداث ـ محل الخلاف ـ في واقعة كربلاء إلى قسمين:
القسم الأول: ماهو مكذوب في السيرة الحسينية:
وهي قصص قاصرة عن أن تصبح تاريخاً يألفه العقلاء، وأكثر هذه الأكاذيب لا يمكن أن تدخل في وجدان أو في عقل أي إنسان مهما كان أميّاً وجاهلاً، ومن السهل كشف زيفها، وكأمثلة على تلك الموارد:
1. أن طول رمح سنان بن أنس لعنه الله، والذي رفع عليه رأس الحسين ، ستون ذراعاً، وأن هذا الرمح قد بعثه الله إليه من الجنة.
2. أن عدد الذين حاربوا الإمام الحسين بلغوا ثمانمائة ألف مقاتل !.
3. أو أن الإمام الحسين قد قتل من جيش عمر بن سعد ثلاثمائة ألف، والعباس قتل منهم مائتين وخمسين ألفا.
4. أن طول يوم عاشوراء قد بلغ سبعين ساعة .
وغيرها من الموارد التي يتضح بطلانها بأدنى تأمل، وبأنها موارد لا يمكن عدّها ظاهرة أو شائعة في المقاتل أو على المنابر.
القسم الثاني: ما لا مبرر لتكذيبه:
وهو ما لا نجد مبرراً لتكذيبه سوى مجرد الاستبعاد الذي لا يستند إلى دليل، أو أن دليله ضعيف ومردود، أو أنه يحتاج إلى المزيد من التقـصي والتتبع والشواهد والدلائل، ومن أمثلة تلك الموارد:
1. أن أهل البيت لم يذوقوا الماء لثلاثة أيام.
2. حادثة رجوع أهل البيت من الشام في يوم الأربعين.
3. دعوى عدم وجود أحد من أصحاب الإمام الحسين ليقدم له الجواد، فقامت السيدة زينب بذلك.
4. حكاية تقبيل السيدة زينب عنق الإمام الحسين وصدره، بعد تذكرها وصية أمها بفعل ذلك نيابة عنها.
5. قصة طفلة الحسـين ـ السيدة رقية ـ وسبب وفاتها في الشام، حينما أحضروا رأس أبيها أمامها.
6. وجود السيدة ليلى أم علي الأكبر في كربلاء .
والكثير من الأحداث التي لو تم التمعن فيها والتحقق، لما وجد هناك داعياً للإنكار على الخطباء روايتها، ما دام أن لتلك الأحداث مصادر تاريخية، ولو واحدة، فالعبرة بالنقل هو الورود لا الاختلاق والتزوير، ولا تبقى سوى مسألة صحة الرواية من عدمها، والتي لا يرى أغلب العلماء وجوب مراعاتها في نقل الأحداث التي تتلى في المجالس الحسينية كما نقلنا سابقاً.
وقفة مع التحريفات ومصادرها:
تعرض الكثير من العلماء والباحثين إلى تنقية السيرة الحسينية مما دخلها من مكذوبات وتحريفات قد لا تتفق أحيانا مع أبسط مقومات التفكير السليم والذوق الفقهي والعقدي.
ولعل من أبرز تلك الكتب التي ناقشت هذه المسألة:
1. كتاب اللؤلؤ والمرجان للميرزا حسين النوري الطبرسي المعروف بالمحدّث النوري، عام 1319هـ.
2. كتاب أسرار المصائب ونكات النوائب في ذكر غرائب الأطايب من آل أبي طالب، لعلي بن محمد تقي القزويني النجفي عام 1323هـ.
3. كتاب التنزيه لأعمال الشبيه للسيد محسن الأمين العاملي.
4. كتاب الملحمة الحسينية أو (حماسة حسيني) المنسوب للشهيد مرتضى المطهري.
5. كتاب التشيع العلوي والتشيع الصفوي للدكتور علي شريعتي.
إضافة إلى العديد من الدراسات والمؤتمرات والمحاضرات التي خصصت لهذا الموضوع.
وقد تصدت هذه الكتب والمقولات وغيرها إلى بيان مواضع الكذب والاختلاق التي يعتقدون بأنها أضيفت في السيرة الحسينية مما هي منزّهة عنه.
وبعض هذه الكتب قامت بالرد على بعض المرويات المكذوبة والتي وُضعت لاحقاً ومؤخراً على ألسنة بعض الخطباء في سبيل استدرار الدموع والعواطف دون وجود أي مصدر يعتمدون عليه كقصة زواج القاسم بن الحسن يوم عاشوراء، أو تحريف بعض الوقائع والزيادة عليها، أو بعض المظاهر المصاحبة للعزاء الحسيني كالتطبير أو التشبيه أو استخدام الطبول والمزامير في العزاء والمراسيم المقدسة في يوم عاشوراء.
ولو لاحظنا بشيء من التدقيق، فإن أغلب هذه الكتب صدرت كرد على بعض الكتب التي يُعتقد بأنها احتوت على الكثير من الخرافات والتحريفات في السيرة الحسينية، ومن أهم تلك الكتب :
1. مقتل الإمام الحسين لأبي مِخنف الكوفي: والمأخذ على هذا الكتاب هو أصل صحة نسبة هذا الكتاب (المطبوع والمتداول) لأبي مخنف، وأنه هو نفسه الذي أخذ منه المؤرخون الأوائل كالطبري وغيره، بسبب اختلاف النسخ المتداولة وعدم الركون إلى واحدة منها والاطمئنان إليها، ولذا نلاحظ أن المحدث الشيخ عباس القمي في كتابه نفس ا لمهموم لا يطمئن لنقولاته التي تفرد بها.
2. كتاب محرق القلوب للمولى محمد مهدي النراقي: ويراه البعض ضعيفاً مقارنة بكتبه الأخرى، ويعزون ذلك إلى كتابته لهذا الكتاب في حداثة عمره.
3. كتاب نور العين في مشهد الحسين : ويُنسب الكتاب إلى إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران النيسابوري الاسفرائيني (417 أو 418هـ)، الشافعي والأشعري المذهب، لكنّ المحقق المعاصر الكبير الأستاذ السيد عبد العزيز الطباطبائي اليزدي ينفي نفياً قاطعاً نسبة الكتاب إليه.
4. كتاب روضة الشهداء للملا حسين الواعظ الكاشفي (910هـ): لقد أشار الكثير من الباحثين في السيرة الحسينية إلى أن هذا الكتاب يضجّ بالتحريفات والمبالغات المكذوبة أو المجهولة المصدر، وبأنه ضعيف لا يمكن الوثوق به.
5. كتاب المنتخب أو الفخري: يُنسب هذا الكتاب لفخر الدين الطريحي النجفي (979 ـ 1085هـ)، الذي دوّنه ليلبّي حاجة قرّاء التعزية بغية تمكينهم من إبكاء الحاضرين، ولا يمكن وصف منتخب الطريحي بكتاب سيرة ولا بالمقتل، كما لا يمكن اعتباره كتاباً روائياً، وإنما هو مجموعة نثرية وشعرية تكرّس الحزن والبكاء.
ويظهر من محتوى الكتاب أنه عبارة عن مجموعة من المآتم كان يلقيها المؤلّف في ليالي عاشوراء، وقد جمعها لاحقاً وأخرجها على شكل كتاب، ثم على هيئة كشكول.
وقد نفى بعض الباحثين أمثال العلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين وغيره إمكانية صحة نسبة هذا الكتاب إلى هذا العالم الجليل، بسبب ضعف الكتاب من النواحي اللغوية والتركيبية إضافة إلى الحديثية والتاريخية، والتي لا يمكن لعالم جليل مثل الشيخ الطريحي صاحب المعجم اللغوي الشهير (مجمع البحرين) أن يقع فيها.
6. كتاب تظلم الزهراء للملا رضا القزويني (1134هـ).
7. كتاب إكسير العبادات في أسرار الشهادات والمشهور باسم أسرار الشهادة للفاضل الدربندي (1286هـ): وهو من أهم الكتب التي انتقدها الباحثون والعلماء بسبب تفرده ببعض النقولات والأحداث التي لا يعلم لها أصل، وأهم من رد عليه هو المحدث النوري في كتابه اللؤلؤ والمرجان والشهيد مطهري في الملحمة الحسينية، ويقول الشيخ السردرودي بأنّ مواضع الضعف في هذا الكتاب بلغت حداً عجزنا عن إحصائها.
8. كتاب الدمعة الساكبة للسيد محمد باقر البهبهاني (1285هـ): وكتابه يقع في عدة مجلدات يتحدث فيها عن مصائب أهل البيت ، وقد خصص منها مجلدين اثنين في مقتل الإمام الحسين ، ومؤلف الكتاب يعد من طلاب الفاضل الدربندي ومريديه، وقد أكثر النقل عنه وعن كتاب الفخري وروضة الشهداء وغيره.
9. كتاب ناسخ التواريخ لمحمد تقي سبهر من مؤرخي العصر القاجاري: ويقع كتابه في العديد من المجلدات خصص منها أربعة مجلدات في سيرة ومقتل الإمام الحسين ، والذي يبدو أن المؤلف -كما صرح في مقدمته - جمع في كتابه الغث والسمين من الروايات ولم يستثنِ شيئاً منها ليستغني القارئ بكتابه عن باقي المصادر.
10. كتاب معالي السبطين للشيخ محمد مهدي الحائري المازندراني: وهو صاحب كتاب شجرة طوبى المشهور، وقد عيب على الكتاب عدم ذكره لمصادر نقولاته واكتفائه بذكر الخبر مباشرة، مما حدى بالباحثين إلى التوقف عن النقل من كتابه إلا ما ذكر مصدره أو أسنده.
ونلاحظ هنا على هذه الكتب عدة ملاحظات أهمها:
1. أن أغلب هذه الكتب هي من التي كتبت مؤخراً وحديثاً في العهد القاجاري وما بعده، مقارنة بالكتب القديمة التي ذكرت السيرة الحسينية كمقتل أبي مخنف أو تاريخ الطبري أو الإرشاد للشيخ المفيد أو غيرها من الكتب السابقة.
2. بعض هذه الكتب كتبت بالفارسية وتُرجمت فيما بعد، وبعضها لم يترجم ولم يصل إلينا حتى الآن.
3. بعض هذه الكتب لا يصح نسبتها إلى مؤلفيها، فالكثير من المحققين يشكك في نسبتها الصحيحة، ككتاب نور العين وكتاب المنتخب.
4. أغلب هذه الكتب ينقل بعضها من بعض، ويرجع أغلبها إلى روضة الشهداء أو أسرار الشهادات أو الفخري.
5. أغلبها لم يكتب ككتاب تأريخي علمي مستقل، بل كانت عبارة مجالس إما حررت فيما بعد، أو كتبها مؤلفوها كمسودات يستعينون بها في مجالسهم الحسينية دون تمحيصها أو تحقيقها من الناحية الفنية والعلمية والتأريخية.
6. بالنسبة لمجتمعنا في الخليج بشكل عام فإن ثلاثة أو أربعة كتب فقط هي المتداولة من بين هذه الكتب منذ زمن بعيد وليس كلها، ويندر أن ينقل الخطباء عن الباقي منها.
ومع ذلك فإننا نُلاحظ محدودية الكتب التي قامت بتحريف ووضع المرويات المكذوبة على السيرة الحسينية مقارنة بالمكتبة الحسينية.
وكنموذج للجهود المبذولة في سبيل بيان مواضع التحريف والتزوير والوضع في السيرة الحسينية، نذكر تجربة الشيخ محمد صحتي السردوردي، الذي يقول: " ولكاتب هذه السطور مكتبة تحتوي على أكثر من خمسمائة كتاب دوّنت جميعها في هذا المضمار، ولم أقتصر على مطالعتها وإنما تمعّنت فيها واستخرجت عصارة ما يدور حوله كلّ كتاب" .
ومن بين هذه الخمسمائة كتاب فإن الكتب المحرِّفة المذكورة وما بعدها لاشك أنه يُعد قليلاً مقارنة بهذا الكم الضخم من المصادر والتفصيلات الكبيرة والصغيرة التي تزخر بها سيرة الإمام الحسين ونهضته.
وكذلك فإن الموارد التي ذكرها الشيخ السردرودي كمواضع للتحريف في تلك الكتب وغيرها يمكن حصرها إجمالاً فيما يلي :
1. عندما خرج الإمام الحسين من المدينة قاصداً مكة، عاد إلى المدينة قبل أن ينطلق إلى كربلاء ثم الكوفة.
2. تفرّق معظم أصحاب الحسين ليلة عاشوراء، فيما انضمّ قسمٌ منهم إلى جيش عمر بن سعد.
3. لما رجعت نساء الحسين وعياله من الشام وبلغوا العراق قالوا للدليل: مرّ بنا على طريق كربلاء، فوصلوا إلى موضع المصرع، فوجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري.. فوافوا في وقت واحد (يوم الأربعين) وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم، وأقاموا المآتم المقرحة للأكباد.
4. جملة: «هل من ناصر ينصر الذريّة الأطهار؟» أو هل من ناصر ينصرنا؟
5. جملة: «تألّف جيش ابن سعد من سبعين ألف راكب»!.
6. خبر الجمّال الذي قطع إصبع الإمام الحسين ليسرق خاتمه.
7. قصة الطفلة ذات الثلاث سنوات (السيدة رقية) في خرابة الشام.
8. قصة عرس القاسم بن الحسن .
9. جملة «اسقوني شربةً من الماء»
10. خبر مسلم الجصّاص، الذي روى عن زينب أنها نطحت جبينها بمقدم المحمل في الكوفة و.. والنصّ الذي ذكره الطريحي كما يلي: فرأت رأس أخيها؛ فنطحت جبينها بمقدم المحمل حتى رأينا الدم يخرج من تحت قناعها، وأومت إليه بحرقة، وجعلت تقول:
يا هلالا لما استتمّ كمالاً
هاله خسفه فأبدى غروباً
11. تأويل آية كهيعص.
12. تحريف رواية استشهاد عبد الله بن عمير واختلاق شهيد يحمل اسم وهب بن عبد الله بن حباب الكلبي.
13. المجاملة بين الإمام الحسين وفرسه على الماء عند نزوله الفرات، والتي انتهت بعدم حصول أيّ منهما عليه..
14. قتل الإمام الحسين ـ على ما نقل ـ ما يزيد على عشرة آلاف فارس، ولا يبين النقص فيهم.
15. رأينا دموع الخيل تنحدر على حوافرها..
16. خبر فضّة والأسد في كربلاء.
17. قصّة فاطمة الصغرى العليلة مع الطير.
18. رؤيا سكينة في خربة الشام.
19. هلال بن نافع وتحوّله من الأشقياء إلى الشهداء.
20. استشهاد الطرماح بن عدي
21. الحديث الذي دار بين سيد الشهداء والشمر اللعين.
22. رؤية الطرماح النبي في الطف.
23. تفرّق أصحاب الحسين ليلة عاشوراء.
24. لجوء الحسين إلى أبي الفضل يوم عاشوراء.
25. نسبة الجهل إلى الإمام السجاد في خبر موضوع مفاده: أن الإمام جعل يسأل عن كلّ واحد من عمومته والحسين يقول له: قتل، فقال: وأين أخي علي وحبيب بن مظاهر ومسلم بن عوسجة وزهير بن القين؟ قال له: يا بُني! إعلم أنه ليس في الخيام رجل إلا أنا وأنت، وأما هؤلاء الذين تسأل عنهم فكلّهم صرعى على الثرى.
26. قصّة ليلى أمّ علي الأكبر، التي نسبوا للإمام الحسين أنه قال لها ـ عن لسان رسول الله ـ: «إن دعاء الأمّ في حق ولدها مستجاب». والبعض شكك في أصل وجودها في كربلاء.
27. الخبر الذي يصف الحسين مخاطباً لأخته زينب ـ وهو ملقى على الرمضاء ـ : فرمقها بطرفه فقال لها: «أخيّة ارجعي إلى الخيمة فقد كسرت قلبي وزدت كربي..»
28. عدم ثبوت حُسن حال هاني بن عروة ولم يتأكّد العلماء من وثاقته.
29. لم يكن عطية الكوفي يوماً من الأيام مولىً لجابر بن عبد الله الأنصاري، وإنما هو محدّث وتابعي.
30. قصّة هاشم المرقال ـ شهيد صفين ـ التي نقلها الملا مهدي النراقي في كتابه محرق القلوب.
31. الفضل بن علي، الشقيق المختلق للإمام الحسين والذي أضيف لقائمة شهداء كربلاء.
32. الخطأ في تفسير لفظ المولى «بالغلام» في عبارة: وجاء عابس بن شبيب الشاكري ومعه شوذب مولى شاكر.
33. الخبر الحاكي أنّ الأنصار قطعوا عهداً على أنفسهم عندما وقف حبيب بن مظاهر الأسدي ليلة عاشوراء وهم حوله كالحلقة، قائلاً لهم ومؤكّداً عليهم: فإذا صار الصباح فأول من يبرز إلى القتال أنتم، نحن نقدمهم للقتال ولا نرى هاشمياً مضرجاً بدمه وفينا عرق يضرب.
34. الخبر الذي يفيد أن الحسين عندما بقي وحيداً وعزم على الخروج إلى الميدان ولم يكن قد بقي أحدٌ من أهل بيته يعينه على ركوب الفرس، ممّا دعا زينب لتقوم بهذه المهمة، أي تعينه على امتطاء جواده.
35. فرس الحسين الذي وصفوه بأنّه من جياد خيل رسول الله و«لُقب بالمرتجز وعرف على ألسنة العوام بذي الجناح».
36. العبارة الحزينة التي نسبت إلى زينب عند وقوفها على جسد أخيها قائلةً له: «أأنت أخي؟! أأنت رجاءنا؟! أأنت..».
37. الخبر الأليم الذي ينقل عن الإمام السجاد أنه سقط مغشياً عليه في يومٍ واحد مرّتين، وذلك من كثرة البكاء .
38. قصّة زعفر الجنّي.
39. الأبيات التي نعى بها أبو الحسن التهامي ـ الشاعر الذي عاش بين القرن الرابع والخامس ـ ابنه الذي توفى في مقتبل العمر، وهي قوله:
يا كوكباً ما كان أقصر عمره وكذا تكون كواكب الأسحار
والخطباء على المنابر ينسبونها للإمام الحسين مباشرةً ـ لا بلسان حاله ـ وذلك عندما وقف على جسد ابنه عليّ الأكبر بعد مقتله، وقد لوحظ ذلك مراراً في المؤلّفات التي صدرت مؤخراً.
40. قصّة مشاركة أبي الفضل العباس في صفين؛ فهي غير صحيحة من الأساس.
41. وأخيراً قصّة جلب العباس الماء للحسين عندما كان صغيراً.
ومن الواضح أن هذه المواضع – على كثرتها – لكنها مقارنة بالكم الضخم من المصادر التاريخية لا تشكل رقماً ضخماً، إضافة إلى أن بعضها واضح البطلان، ومن جهة أخرى فإن بعض هذه الموارد هي مما لا يصح تكذيبه وهو قابل للنقاش كما ذكرنا سابقاً ، بالإضافة إلى ماذكرناه في الحلقة الأولى من هذا البحث بأن أغلب الخطباء ينقلون بعض الموارد من الكتب التي يحسنون الظن بأصحابها وبفضلهم وعلمهم، ولو كان من إثم في الكذب أو الوضع فسيتحمله مؤلف الكتاب لا الخطيب، وإن كنا نهيب بالخطباء بأنهم واعون إلى درجة أنهم يستطيعون تمييز الغث من السمين من تلك المواضع الواضحة الضعف والهزال.
(1 ) منقول بتصرف عن كتاب من قضايا النهضة الحسينية، الشبخ توفيق ال سيف، ج1، ص12.
(2) كربلاء فوق الشبهات، السيد جعفر مرتضى العاملي، ص 34.
( 3) كربلاء فوق الشبهات، العاملي، ص 49 ـ 54، وقد نقل هذه الموارد عن كتاب الملحمة الحسينية المنسوب للشهيد مطهري.
( 4) كربلاء فوق الشبهات، العاملي، ص 55 ـ 71.
( 5) أنظر: جدل ومواقف في السيرة الحسينية (ضمن سلسلة كتاب نصوص معاصرة): مقال السيرة الحسينية: المصادر والمراجع، دراسة في المستندات التاريخية، الشيخ محمد صحتي سردرودي، ص 130- 148.
( 6) المصدر السابق، ص 127-128.
( 7) المصدر السابق ص 130 وما بعدها. وقد تكرر بعض هذه الموارد في أكثر من كتاب، وقد أجملنا ذكر هذه الموارد بشكل مختصر دون تفصيلها لمعرفتها من قبل المهتمين، وهذا لا يعني بأننا نتفق مع الباحث السردرودي في عدم صحة كل هذه الموارد، فإن فيها ما هو صحيح و لا يتنافى مع السيرة الحسينية ومع بعض المصادر.