تتم الدراسة في الحوزة العلمية في ثلاث مراحل هي:
1. دراسة المقدمات وتقوم مقام الدور الأبتدائي في الأنظمة التربوية.
2. دراسة السطوح وتقوم مقام الدور المتوسط.
3. دراسة الخارج وتقوم مقام الدراسات العالية.
وسنوضحها بشكل مختصر.
المرحلة الاولى ( دراسة المقدمات):
يقتصر الطالبُ في الدور الاول على دراسة النحو والصرف والعلوم البلاغية والعروض والمنطق والفقه وأصول الفقه وبعض النصوص الأدبية, ومن الكتب الدراسية المتعارف عليها في هذه المرحلة هي:
* اما في النحو والصرف:
1. الأجرومية: لمؤلفها عبد الله بن يوسف بن احمد بن هشام المتوفى عام 761هـ/ 1359م.
2. قطر الندى وبل الصدى: لأبن هشام الانصاري.
3. الفية بن مالك مع شرحها: ولها أكثر من شرح منها شرح إبن مالك وقد شرح أرجوزة أبيه ويسمى في الاوساط العلمية شرح ابن الناظم (أي الناظم للأرجوزة) ولعله أفضلها. ومنها شرح ابن عقيل الهُذلي.
4. وللتوسع في المصطلحات النحوية والتعمق في النحو يدرس بعض الطلبة كتاب مغني اللبيب لأبن هشام (صاحب القطر) وقد عنت بعض الجهات المختصة في الحوزة فهذبت هذا الكتاب لعدة أسباب- تجدها في مقدمة مغني اللبيب- وسمته مغني الأديب- وهو كتاب نافع ومهم جدّاً.
* واما في البلاغة والمعاني والبيان:
1. فالبعض من الطلبة يدرسَ المطّول لمسعود بن عمر بن عبد الله التنفتازاني المتوفى عام 791هـ/1388م.
2. والبعض يدرس جواهر البلاغة لأحمد بن إبراهيم الهاشمي وهو من أدباء مصر توفي فيها عام 1362هـ/ 1943م.
3. والبعض يدرس البلاغة الواضحة وهي من الكتب الواضحة بمعنى الكلمة وقد إختُصرت في الفترة الاخيرة وهذبت.
* وأما في المنطق:
1. الحاشية: لملا عبد الله.
2. تحرير القواعد المنطقية في شرح الرسالة الشمسية : لقطب الدين الرازي المتوفي عام 766هـ/ 1365م.
3. وقد إستعاض الطلاب في الفترة الاخيرة عن هذين الكتابين بكتاب المنطق للشيخ المظفر وهو أحد علماء النجف توفي عام 1283هـ/ 1961م.
* وأما في الفقه:
1. المختصر النافع في فقه الامامية: للمحقق الحليّّ المتوفى عام 676هـ/ 1177م.
2. شرايع الإسلام في مسائل الحلال والحرام: للمحقق الحليّّ أيضاًً.
3. وقد تدرس في الفقه في هذه المرحلة مجموعة فتاوى المجتهد الأعلى وقت الدراسة والتي يعبر عنها (بالرسالة العملية).
* واما في أصول الفقه:
1. معالم الأصول: لنجل الشهيد الثاني المتوفى عام 1011هـ/ 1602م.
2. أو دروس في علم الأصول: للسيد الشهيد محمد باقر الصدر (رحمه الله).
3. أو أصول الفقه للشيخ محمد رضا المظفر: صاحب كتاب المنطق المتقدم ذكره. قد يجمع بعض الطلبة بين أكثر من كتاب في فنٍ واحدٍ.
المرحلة الثانية(دراسة السطوح):
في الدور الثاني يتفرغ الطالب لدراسة الكتب الأستدلالية الأصولية والفقهية والفلسفة وأسلوب الدراسة المتعارف عليه ف هذا الدور هو أن يحصل الأتفاق على الكتاب المتخص بهذا الفن او ذاك. فيقرأ الأستاذ مقطعاً من الكتاب ثم يشرح الموضوع بما يزيل عنه الغموض والابهام ثم يستعرض بعض النقوض التي ترد عليه ويستمع بعد ذلك لما يثيره الطلبة من تعليقات فيصحح آرائهم، إذا كانت بحاجة الى التصحيح أو يتنازل عندها إذا كانت آراؤهم جديرة بذلك. وتتسم هذه المرحلة الدراسية بالطابع الأستدلالي.
ومن الكتب التي تدرس في هذه المرحلة:
* أما في الفقه:
1. الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية: الأصل للشيخ محمد بن جمال الدين مكي العاملي. المشتهر بالشهيد الأول, إستشهد عام 786هـ/ 1384م.
والشرح للشهيد الثاني زين الدين الجبعي العاملي المشتهرة بالشهيد الثاني المستشهد عام 965.
2. المكاسب: للشيخ مرتضى بن محمد أمين التستري الأنصاري المتوفى عام 1281هـ/ 1882م. وهوثلاثة أقسام [المكاسب المحرمة، والبيع، والخيارات].
* وفي الأصول:
1. كفاية الأصول للشيخ محمد كاظم الخراساني المعروف بالأخوند المتوفى عام 1329هـ / 1908م.
2. الرسائل (فرائد الأصول) للشيخ الأنصاري صاحب المكاسب.
3. وقد إعتيد أخيرأ دراسة الحلقات للسيد الشهيد محمد باقر الصدر.
* وأما في الفلسفة:
1. تجريد الأعتقاد: لنصير الدين الطوسي المتوفى عام 672هـ/ 1273م.
2. فلسفتنا: للسيد الشهيد محمد باقر الصدر.
3. وقد إعتاد الطلاب في العقدين الأخيرين على دراسة بداية الحكمة ونهاية الحكمة للسيد محمد حسين الطباطبائي (صاحب التفسير القيم الميزان).
المرحلة الثالثة (مرحلة البحث الخارج ):
سميت المرحلة الثالثة بمرحلة البحث الخارج لأن الدراسة فيها تتم خارج نطاق الكتب التي يعتمدها الأستاذ في تحضير مادته في مرحلة البحث الخارج. ينتقل الطالب في الجامعة النجفية الى الدور الأخير من حياته الدراسية، بعد أن وقف على هذه الآفاق الرحبة من الفكر الإسلامي. في هذا الدور الدراسي، تقع مسؤلية التحضير والأعداد على الطالب نفسه، من غير أن يتقيد بمصدر علمي خاص فيقوم الطالب- بنفسه قبل أن يحضر المحاضرة- بأعداد مادة المحاضرة من فقه وأصول أو تفسير ثم مراجعة أقوال العلماء في هذه المادة أو تلك وما يمكن أن يصلح دليلاً لها، وبما يمكن أن يناقش به هذا الدليل، ثم يحاول الطالب أن يستخلص لنفسه رأياً خاصّاً في هذه المسألة.
فاذا فرغ من هذا الأعداد حضر البحث الخارج، والبحث الخارج حلقات دراسية يقوم برعايتها كبار علماء الحوزة العلمية وقد يكون هناك أكثر من حلقة في نفس الوقت، فيختار الأستاذ بحثاً فقهياً أو أصولياًَ أو بحثاً في تفسير القرآن أو في الحديث النبوي يلقيه على شكل محاضرات وقد تكون للأستاذ (المجتهد) محاضرتان في اليوم، فتخصص المحاضرة الصباحية للفقه مثلاً وتكون مادة أصول الفقه موضوعاً للمحاضرة المسائية أو العكس وهناك من الأساتذة المجتهدين من يقتصر على هذه المادة او تلك.
ومن المفيد أن نوضح أن طريقة التدريس في هذه المرحلة تختلف عن طرق التدريس فيما سبقها من المراحل إذ أن المدرس هنا يعرض مادة البحث عرضاً شاملاً مع كافة علماء المذاهب الإسلامية. ودليل كل صاحب رأي ليناقش كل واحد من تلكم الآراء فيفندها بالدليل العلمي والحجج القاطعة ليصل الى الرأي الخاص له بالمسألة عارضاً معه الدليل الذي اعتمده فيه هذا الرأي.
أما الطالب في هذه المرحلة فأن عليه أن يستمع الى توجيهات الأستاذ في درس للمادة المتفق عليها، والبحث عن اطرافها وما يتصل بها ويمكن أن يصلح دليلاً لها وما يناقش بها ورأي الأستاذ في نهاية المطاف. ويختلف الأستاذ كثيراُ عن الطلاب في صياغة الدليل واعداد البحث، ومناقشة الأراء والرأي الذي يتبنّاه في المسألة. فيعرض الطالب لمناقشة الأستاذ فيما يختلفان فيه من وجوه الرأي والبحث، بعد أن كوّن لنفسه رأياً في المسألة وقد يتفق أن يشتد الخلاف بين الشيخ وطلابه في حلقة البحث فيتبلور لدى الشيخ الوجه الآخر من الرأي، فينزل عند آراء الطلاب.
وتتبع حلقات الدرس في البحث الخارج تبعاً لشهرة الأستاذ العلمية ومدى نجاحه في البيان وطريقة العرض ويتفق أن يحضر حلقة من هذه الحلقات اكثر من الف طالب ويستمر الطالب على هذا النمط الخاص من الدراسة في الفقه والأصول والتفسير حتى يبلغ مرحلة الأجتهاد في الوقت الذي يقوم به أيضاً بأدارة حلقات دراسية من (الدور الأبتدائي) فكل طالب يكون مدرساً لمن هو أدنى منه في سلّم التحصيل في حين يستمر هو في طلب العلم.
ٍ الى هذا المنهج الدراسي- في البحث الخارج- يعزى السر في تطور الدراسات الفقهية والأصولية في جامعة النجف على مرّ القرون، ومن يقرأ كتاباً في الفقه وأصوله لأعلام القرنين الرابع والخامس الهجريين مثلا ثم يقرأ كتاباً فيها لأحد أعلام هذا القرن يلمس مدى التطور الذي بلغته الحوزة العلمية في هذا الشأن.