نعيم عبد مهلهل
جاء نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى العراق قبل شهرين من اجل حل معضلة ( الكرسي )..
قال ونصح ولمح وطرح أفكارا ثم غادر بعد عشاء دسم مع جنرالاته كان أهم ما فيها نبيذ كارولينا والديك الرومي وموسيقى لاغنية كلاسيكية لفرانك سينانرا يحبها السيد بايدن .عنوانها ( عاشق المسيسبي )……!
وكان على من يسمع الأغاني على التراب العراقي أن يكون عاشقا للفرات ودجلة .وإذا كان عاشقا للمسيسبي فليسمع أغانيه هناك في أمريكا وليس في العراق…!
الرجل جاء ورحل والباقي هو الأمل أن لانبقيَ قمصاننا مشرورةً في حبال المحتل ، فليس من العدل أن يصبح من ينتخبهم شعبهم تواقون إلى صوت سيناترا ويتركون بحة داخل حسن في لوعتها وظيمها مع هذا النقص الذي لم يشهد له العراق مثيلا في الخدمات وفوضى الموت بالعبوة اللاصقة والقتل المجاني الذي يمارسه كاتم الصوت كما يمارس السارق لعبته دون رقيب في بطاقة التموين وبرميل النفط وتبليط الشوارع والأرصفة.!
جو بايدن أتى وهو يفكر أنه أسقف لكنيسة العولمة ولا يهمه في الأمر سوى أن لا يصيب الخذلان الذاكرة الأمريكية عندما قررت أن تزيح جنرالا تخيلته يملك الأسلحة المحظورة وشعبه يصفق له بيديه ويكره بقبله شأن أي رئيس شرقي يجثو على الصفحات الرئيسية لجرائد بلاده كما يجثو الفيل على صدر النملة.!
وبين من يجثو بأغانية وبين من يجثو بدبابته وعرشه فرق كبير لهذا لامجال لأقارن بين بايدن وحنجرته المحببة فرانك سيناترا وبيني وحنجرتي ( داخل حسن ) فهذه البحة الشطرية ــ الأكدية تساوي عندي سماء من الاشتياق لبلادي التي اجمع الآن دموعها من بين أجفان مذيعات نشرات الأخبار في الفضائيات التي لاتعد ولا تحصى واشربها لعطش أسمه الشوق وأنا أرى معاناتها مستديمة وقديمة وتتسع بمدى التصريح والمنافع والمناصب والازدواج الجنسيات ..!
داخل ليس جو بايدن ولكن في صوته وصفة سحرية ليوحد المشاعر اكثر مليار مرة من خطب الساسة وأصواتهم وهم اكتسبوا هواية وإدمان التصريحات ، ففي نكتة قديمة أيام النظام السابق عندما لم تكن هناك سوى قناتين تلفزيونيتين أيام الثمانينات وكان الرئيس السابق إذا ظهرت له فعالية جماهيرية أو خطاب يستمر أكثر من 4 ساعات .فكان أن أصاب الملل أحدهم فغير القناة الأولى إلى الثانية حتى يفاجئ بصباح مرزا المرافق الأقدم للرئيس ليقول له : لك ( قشمر ) ارجع للقناة الأولى ..!
أنا الآن في أي قناة تلفزيونية أديرها يفاجئني مثلا النائب الكردي محمود عثمان في تصريح ليس له طعم وشكل ولون التصريح الأخر الذي تلاه في قناة أخرى ،واتسائل ،هل هذا النائب مهوس بالظهور التلفزيوني ،وأي ذائقة تملكها تلك الفضائيات لتظهره في كل نشره أخبارية ، وغيره الكثير ..وهذا ما يشكل اغرب ظاهرة في المشهد السياسي العالمي .بلد يصرح فيه ألف واحد كل يوم .والكل يقول أنا امثلَ الكل.....!
ربما من اجل هذا جاء جو بايدن ، ليضع حدا لفوضى ما يحدث .فالكل في العراق يقول :أنا ابن أبي .إذن أنا ابن العراق.....!
حسن انتم أبناء العراق ،ولكن ( فضوها ) فلقد طفح الكيل .الصيف يحرق الناس ،والجوع يحفر في بطون الناس ، والمفخخات تأكل في أجساد الناس .!
وضع جو بايدن في خانة داخل حسن مفارقة لا تمتلك التوازن العقلي والفقهي والحضاري حتى...ولكني أضعها اعتزازا بذلك الرجل ذو العقال الشطري والدشداشة التي خطاها له حضيري أبو عزيز عندما كان خياطا قبل أن يتطوع في سلك الشرطة وغنى بها أجمل الحفلات الإذاعية لحساب أسطوانات جمقمجي .ومنها ( لو رايد عشرتي وياك .حجي الجذب لاتطريه .....!)
اسمعوا هذه الأغنية .فربما جاء بها بايدن إليكم بترجمتها الإنكليزية وكونوا صادقين مع شعبكم .وأجعلوه يشم حواء الحلم والمكيف والغذاء والعمل الشريف والحديقة التي تجمل مساء أطفاله بعطر الورد لا بعطر البنتلايت المغشوش...!
* جريدة الناس العراقية العدد 38 في 11 حزيران 2011