دولة اللا قانون الصوت الحسم لرؤساء العصابات ـــ مهدي قاسم
في دولة اللاقانون ، مثل العراق حيث يجري تغييب القانون والعدالة بعد هيمنة السلوك المافياوي ــ يتحدث هؤلاء الساسة و الزعماء بضجة صاخبة عن وجودهما الزائف ، فحينذاك يجري التشكيك بكل شيء ، لأن كل شيء يبدو مشكوكا بأمره ومقلوبا رأسا على عقب ، وحيث تفقد الأشياء قيمتها و أهميتها وجوهر حقيقتها ، ومرد ذلك كون زعماء العصابات المهيمنين والمتنفذين من أصحاب القرار السياسي ، هم الذين يقررون من هو الفاسد والمجرم و الإرهابي ، ومن هو الذي يجب أن يُحاسب و يُعاقب أو لا يُعاقب ، يعدم ُأو لا يُعدم .. يهرب أولا يهرب من السجون والمعتقلات .. ولو حتى إذا حكم من قبل قضاء مستقل وعلى أساس أدلة وبراهين جنائية دامغة وصارخة من شدة ثبوتيتها !..
ففي هكذا بلد ــ مثل العراق ــ لا يجري الحديث عن كون الفلان الفلاني قد أجرم فعلا حتى تطاله عدالة القانون أم لا ، وهل هو برئ لكي لا يُعاقب ظلما وغبنا ؟!..
إنما ينطلق زعماء العصابات السياسية وأنصارهم من واقع "أحقية " المحاصصة الطائفية التي باتت هي وحدها فوق القانون ، وعلى ضوء ذلك يطالبون بعدم معاقبة ذلك الوزير الفاسد واللص الطامع ، أو بإعفاء مرتكبي حرب الإبادة الجماعية من عقوبة الموت حتى لو كانوا متورطين بارتكاب هكذا جرائم بربرية رهيبة ، سواء قبل أو بعد سقوطالنظام السابق ..
فالمالكي ــ مثلا ــ مولع بالحديث عن دولة القانون !! ، بينما محيطه الرسمي وحكومته المنتفخة والضخمة المنتفعة يعجان بالفساد والفاسدين والحرامية الجشعين بدون اتخاذ أية إجراءات قانونية على هذا الصعيد ..
كذلك الأمر بالنسبة للسيد طارق الهاشمي ــ مثلا ــ الذي هو الأخر لا يفوّت مناسبة للحديث عن دولة القانون والعدالة و ضرورة الالتزام بهما ، لكنه في نفس الوقت يقود حملة الدفاع عن الإرهابيين و عن مرتكبي حرب الإبادة الجماعية ضد الإنسانية مطالبا إعفاءهم من أية عقوبة قضائية ..
و أقصى ما يفعلونه ــ نقصد الساسة والزعماء المتنفذين ــ هو التهديد الكاذب ضد بعضهم بعضا بين حين و أخر لكشف ملفات الفضائح المالية أو الأمنية ــ التي تخصهم وتشملهم معأنصارهم ، كلا حسب حصته !!ــ طبعا ليس من أجل تطبيق القانون ومعاقبة المخالفين والمجرمين ، إنما لغاية ابتزاز سياسي وإسكات المنافس وتقهقره جانبا فحسب ..
لماذا يفعلون ذلك ؟!..
لأنهم بكل بساطة ليسوا برجال دولة حتى ولا أنصاف ذلك ! وبالتالي فلا يقيمون وزنا للقانون *بقدر ما هم أقرب إلى زعماء عصابات ، يستغلون القانون و يمطونه مطا حسب مقتضيات مصالحهم و أهدافهم السياسية ..
فضرورة التركيز على هذه الحقيقة وأهميتها قد تساعد على إزالة الوهم من عند " البعض " ممن لا زالوا يعوّلون على هؤلاء الساسة الكارثيين ، أو يقعون في وهم التمييز الطائفي البليد بين هذا الزعيم السياسي وبين ذاك ، على أساس أنه أكثر وطنية وإخلاصا ؟! ، بينما الآخر أكثر رداءة و سوءا وكارثية !!..
*فيا ترى ما الفارق الكبير بين سياسي يحتضن أو يدافع عن الإرهابيين ، وبين سياسي أخر يهرّب أنصاره المتورطين بالفساد المالي أو الإرهابيين من المعتقلات والسجون ليمارسوا نشاطهم الإرهابي من جديد ؟!..