ملكات العراق في العصور القديمة
سميراميس
هي اسطورة تمثل الجانب الاخر للحضاره العراقيه التي تشاطر فيها الذكر والانثى الحكموالمعتقدات على حد سواءفهناك الأب والام ، الحاكم والحاكمه ، تموزوعشتاروتعكس بعض الجوانب عن حقيقة شخصية الحاكمه الحكيمه التي ذاع صيتها منذ العصور القديمة وحتى يومنا هذاالأ وهي اسطورة الحكمة ، القوةوالجمال
اسطورة الملكة سميراميس
لقد خلبت حكاية هذه الملكة العراقية، الباب الناس في العالم اجمع على مر القرون، منذ اكثر من الفي عام. فهي تشتهر بالجمال والقوة والحكمة، وبقدرتها الفائقة على ادارة الدولة وقيادةالحروب والتوسع بالفتوحات وروح الاصلاح والتعمير. تنسب لها الاساطير بانها هي التيشيدت بابل بحدائقها المعلقة ، وانشأت العديد من المدن وغزت مصر و جزءا كبيرا من آسيا والحبشة، وحاربت الميديين ، واخيرا قادت هجوما غير ناجحا على الهند، كاد يؤديبحياتها.
قيل عنها انها كانت شديدةالجمال ، ذات رموش كثيفه ونظرات ودودة
عُرفت عنهاالحكمه،حدّة الذكاء ،القــوّة والغموض
اما في لعصور الحديثةفان صيتها لم يتوقها، حيث انجزت عنها العديد من الكتب والروايات والاوبرات العالميةوالمسرحيات، ولم تبخل عليها هوليود باكبر افلامها. ويحمل اسم (سميراميس) في جميعانحاء العالم وفي جميع اللغات ما لايحصى من المراكز السياحية والفنادق ودور التجميلوالانوثة والمتعة. يصفها الكاتب (ويفي ميليفل) في ثنايا روايته (ساركادون.. اسطورةالملكة العظيمة): (( كانت فائقة الجمال، لا شك في الامر، ذلك الجمال الذي تعجزالكلمات عن وصقه، انه الجمال المنتصر، ليس باقل من الجمال الذي يذعن له الآخرون رغما عن ارادتهم)).
مدالية اوربية تمثل سميراميس
كانت تشتهر بان لها قوةخارقة كبطلة عراقية إذ تكاد ان تكون الرديف الانثوي للبطل الذكوري (كلكامش). كانتتمتلك عيون ساطعة رغم كثافة رموشها و نظراتها الودودة، لكن يشع منها وهج عبقريةالقائد الذي يستطيع ان يأمر جيشا و يؤسس امبرلطورية. ان شخصيتها الخلابة المهيمنةجعلتها تكتسب شهرة ذائعة الصيت حتى ان (ماركريت) ملكة الدانمارك والسويد والنرويج (1353-1412) و كذلك (كاترين الثانية) قيصرة روسيا ( 1729-1796) صنفتا كليهما على انهما ((سميراميس)) اوربا.
بوستر الماني قديم يصور سميراميس في الجنائن المعلقة
انتشـــار الاسطــــورة
حسب الاسطورة ان اسم (((سميراميس))) يعني (الحمامة)، واطلق عليها هذا الا سم لأن الحمائم احتضنتها عندمولدها ورعتها واشرفت على غذائها.. وتحكي الاسطورة انه انسابت سيول عارمة ذات يوم على منابع نهرالفرات ففاض النهر، وتدفقت مياهه، وخرجت الاسماك تستلقي على الشاطئ، وكانت بين تلكالاسماك سمكتان كبيرتان حيث سبحت السمكتان الى وسط النهر وبدأتا بدفع بيضة كبيرةطافية على السطح الى ضفة الفرات، واذ بحمامة بيضاء كبيرة تهبط من السماء وتحتضنالبيضة بعيدا عن مجرى النهر. ورقدت الحمامة على «البيضة» حتى فقست، ومن داخل البيضة خرجتطفلة رائعة الجمال من حولها أسراب من الحمام ترف بعضها عليها بأجنحتها لترد عنها حرالنهار وبرد الليل. ثمبدأت الحمائم تبحث عن غذاء للطفلة، فاهتدت إلى مكان يضع فيه الرعاة ما يصنعون منجبن، وحليب، فتأخذ الحمائم منها بمقدار ما تحمل مناقيرها، لتقدمه للطفلة التي عاشتمع حمائمها سعيدة لا تعرف أبداً طعم الشقاء.
وقد تنبه الرعاة إلى جبنهم المنقور وحليبهم المنقوص، فقرروا ترك أحدهم ليراقب المكان وشهد الراعيالحمائم وهي تحط حول الجبن وتلتقط قطعه الصغيرة، وتملأ مناقيرها بالحليب وتطير به إلى مكان ليس ببعيد، فأخبر الراعي رفاقه فتبعوا الحمائم حتى وصلوا إلى حيث صبية ذاتجمال رائع، فأخذوها إلى خيامهم، واتفقوا على أن يبيعوها في سوق «نينوى» العظيم.
وفي صبيحة ذات يومحملوا الفتاة وقد اطلقوا عليها اسم «((سميراميس))»، إلى سوق نينوى. واتفق أن كانذلك اليوم يوم موسم للزواج الذي يقام كل عام، حيث تجتمع في السوق الكبير جموعالشبان والشابات قادمة من كل نواحي المملكة، لينتقي كل شاب عروساً شابة، أو ينتقيصبية يحملها إلى داره فيربيها إلى أن تبلغ سن الزواج فيتزوجها أو يقدمها عروساًلأحد ابنائه. كانت ساحة سوق «نينوى» تغص بالشيوخ «الكهول والشبان». دخل الرعاةبالصبية الصغيرة الحسناء إلى حيث يعرضونها للبيع. جلس الرعاة مع الصبية في أولالصف، فشاهدهم «سيما» ناظر مرابط خيول الملك، وكان عقيماً لا ولد له فهفا قلبله إلى «((سميراميس))» ورغب في تبنيها.
ودعا «يما» الرعاة وساومهم على ثمنها، وعندما تمت الصفقة، عادبها إلى منزله. ما أن رأت زوجته هذه الصبية ذات الجمال الرائع حتى فرحت فرحاًغامراً واعتنت بها عنايتها بابنتها، وظلت ترعاها حتى كبرت واستدارت وبرزت أنوثتهاكأجمل ما تكون النساء!
و في يوم ما كان اونسمستشار للملك، يتفقد الجمهور المحتشد بأمر من الملك واذا بعينه تقع على ((سميراميس)) وهي الآن في عمر مناسب للزواج، فيصعق مذهولا من جمالها وبراءتها. قامباخذها معه الى نينوى و تزوجها هناك، و صار لهما طفلين ربما توأمين هما (هيفاتة) و(هيداسغة). يبدوا انهما كانوا سعداء، اما (سميراميس) فكانت فائقة الذكاء حيث كان تتقدم لزوجها النصح والمشورة في الامور الخطيرة فأصبح ناجحا في كل مساعيه. اثناء ذلك كان ملك نينوى ينضم حملة عسكرية ضد الجارة باكتريا، فأعد جيشا ضخما لهذا الغرض لانهكان يدرك صعوبة الاستيلاء عليها. بعد الهجوم الاول استطاع ان يسيطر على البلد برمتهما عدا العاصمة باكترا التي صمدت. شعرالملك بالحاجة الى اونس و لذا ارسل في طلبه،لكن اونس لا يريد مفارقة زوجته الحبيبة فسألها ان كانت ترغب في مرافقته،ففعلت.
نينوس زوج سميراميس نصفه رجل ونصفه سمكة، والذي يعتقد انه نمرود التورات!
هناك بعد ان تابعت((سميراميس)) سير المعارك و درستها بعناية و ضعت العديد من الملاحظات عن الطريقةالتي يدار بها الحصار. فبما ال القتال كان يجري في السهل فقط وان كل من المدافعينوالمهاجمين لم يعروا القلعة اهمية، طلبت (سميراميس) ارسال مجموعة من الجنودالمدربين على القتال في الجبال، الى المرتفع الشاهق الذي كان يحمي الموقع. ففعلواذلك ملتفين حول خاصرة العدوالمدافع وهكذا وجد الاعداء انفسهم محاصرين و لا خيار لهمسوى الاستسلام.
لوحة عالمية تصور سميراميس تشرف على بناء بابل
في ثنايا هذه الاحداثصار الملك (نينوس) شديد الاعجاب ب(سميراميس) لما ابدته من شجاعة ومهارة لحسمالمعركة. منذ اللحظة اخذ الملك يتمعن في وجهها الساحر و جمالها المدهش، فادرك انقلبه غير قادر على مقاومة سحرها، و لذا طلب منها ان تكون زوجته وملكته. ثم عرض علىاونس ان يأخذ ابنته بدلا عنها، الا ان اونس رفض ذلك. مما حدا بالملك ان يهدده بقلععينيه ، وتحت وطأة الخوف واليأس استسلم اونس لمطلب الملك، عير انه انهى حياته بعدفترة وجيزة من زواجها من الملك. هكذا افلح نينوس بالزواج من (سميراميس) و صار لهمطفلا اسمياه (نيناس). بعد موت الملك اعتلت العرش كملكة لنينوى عاصمة بلادالنهرين.
حسب الاسطورة الرائجة، قد دام حكمها 42 عاما، لكن الواقع انها كانت تحكم سوية مع زوجهاالملك، فقط السنوات الخمس الاخيرة حكمت بمفردها بعد وفاة زوجها. و قد بدأت حكمهاببناء ضريح فخم في نينوى تمجيدا لزوجها الملك(نينوس). وتنسب اليها اسطورة الشعبيةبانها هي التي بنت مدينة(بابل)، حيث شرعت بعزيمة لا تنثني بحملة واسعة النطاق ببناءمدينة لنفسها ليس بعيدا عن نينوى، هذه المدينة الجديدة هي (بابل). و قد استخدمتلهذا الغرض اكثر من مليوني عامل طبقا لما يقوله المؤرخ الاغريقي (ديودروس)، جالبةاياهم من كل ارجاء الامبراطورية المترامية الاطراف لانجاز هذه المهمة الضخمة. انمحيط السور وحده كان حوالي 66 كيلومترا طولا، اما عرضه فقد كان بامكان 6 عرباتتجرها خيول بالمرور فوقه وهي تسير جنبا الى جنب، وارتفاعه حوالي100 متر. تم تشييد 250 برج لحماية المدينة، واقيم كذلك جسر بطول 900 متر على نهر الفرات الذي كان يمروسط المدينة. و قد اقيمت عند نهاية كل جسر قلعة محصنة كانت الملكة تستخدمها كداراستراحة، هذه القلاع كانت متصلة بعضها ببعص عبر ممرات سرية تحت النهر. وفي هذه لفترة نفسها بنيت الحدائق المعلقة الشهيرة.
ثم اخذت جيوش العراقيينفي السنوات اللاحقة بالتوغل بعيدا في آسيا، وهناك اشادت الملكة متنزه فسيح مقابلجبل باجستان، و عدد آخر من النوافير المزخرفة عند ايكافاتانا. و قد فاقت شهرتها ايمن النساء المقاتلات في تلك العصور. يقال ان (سميراميس) كانت مسؤولة عن نشؤ العديدمن مدن العالم القديموالتي أقيمت على نهري دجلة والفرات، وكذلك عن اقامة العديد مناجمل واروع الاضرحة الفريدة والمواقع النادرة الاخرى في كل آسيا. أما عسكريا فقداستولت على ميديا واخضعت مصر والجزء الاكبر من الحبشة، و كذلك قامت بحملة لاخضاعالهند، فانشأت جيشا جرارا لهذا الغرض و نجحت في عبور نهر السند، لكن جيشها جوبهباعداد هائلة من الفيلة المدربة مما افزعوا الخيل والجند، وانسحب جيشها فارا وتعرضت هي نفسها لطعنة كادت تودي بحياتها، و تمكنت بعد جهد شاق من عبور النهر، و هناامرت بتدمير الجسر الذي اشادته كي لا يستطيع العدو من العبور عليه لملاحقتها.
الاصل التاريخي للاسطورة
مو الواضح ان معظم هذه الانجازات قد نسبتها خطأ الاسطورة الى (سميراميس)، فليس هي التي بنيت بابل ، ثم انالملك العراقي( نبوخذنصر) هوالذي اشاد هذه الحدائق تلبية لرغبة زوجته الميدية.
يبدوان اسم ((سميراميس)) هوالتحرف الاغريقي للاسم العراقي (سمورامات) وهي ملكة حقيقية مقدسة،وهي ام الملك الآشوري (اداد – نيناري الثالث) الذي حكم بين ( 810- 783 قبل الميلاد) و زوجة الملك شمشي – اداد الخامس ، حكم بين ( 823 – 811 قبل الميلاد)، و هوبدورهابن شلمنصر الثالث و قد حكم بين ( 859 – 824 قبل الميلاد) ، و قد تميز حكمهابالغلاظة خاصة بين 810- 805 قبل الميلاد.
من المؤكد ان هذه الحكاية الاسطورية مقتبسة من شخصية حقيقية هيالملكة العراقية(سمورات). بعد ذلك بقرون طويلة حرف الاغريق هذا الاسم الى (((سميراميس))). وهي اصلها من منطقة بابل، وتزوجت من ملك (نينوى)(شمسو حدد الخامس) ( 823-811 ق.م). بعد ان توفى زوجها لم يكن يبلغ ابنها ولي العهد (حدد نيراني) (811-783ق م) سن الرشد، فاستلمت زوجته(سمير امات) المملكة والحكم
وأصبحت وصية على عرشولدها لمدة 5 سنوات حتى بلغ سن الرشد. صحيح انها استلمت الحكم رسميا لفترة خمسة سنوات، الا انها كانت تشارك بالحكم منذ ايام زوجها وكذلك مع ابنها. ان شخصيتهاالقوية وذكائها الحاد وجمالها الاخاذ جلعلها تفرض سطوتها طيلة وتمسك بتلابيب دولةبلاد النهرين طيلة عشرات السنين. و قد عثر على نقش حجري تذكاري في مدينة (آشور) واخر في (كالح) تصور فيه على انها الملكة التي حكمت خلفا لزوجها المتوفى. لم تكتف هذه المرأة العظيمة بالسلطة السياسية وإدارة شؤون البلاد بل تعدتها إلى التأثير في الحياة الدينية والفكرية والاجتماعي. فهي رغم انها تشارك سكان آشور بالحضارةالعراقية المشتركة، الا ان اصلها الجنوبي منحها بعض الخصوصيات المذهبية والثقافيةجيث تمكنت ان تشيع مثل هذه المؤثرات البابلية على طريقة الحكم وعلى الكهنوت الآشوريوعلى عموم الحياة في نينوى. فأضفت نوعا من الرقة والروحانية الجنوبية على المذهبالآشوري الذي كان يتسم اكثر بنوعا من تقديس الفحولة المتمثل بالاله آشور وكذلك ا لميل الى منطق القوة الحرب. بل حتى انها نجحت بابراز ادوار آلهة كانت ثانوية عندالآشوريين مثل اله الحكمة(نبو). لقد ملكت ( سمورامات) كالملوك العظام، حيث أقامت مسلة لتخلد ذكرها في ساحة المسلات في معبد آشور، وقد سجل على هذه المسلة العبارةالتالية: ((مسلة سمورامات ملكة سيد القصر – شمس حدد ملك الكون ملك آشور والد حددنيراني ملك الكون ملك آشور وكنة شلما نصر ملك الجهات الاربعة..))
منحوتة حديثة لسميراميس
يعتقد ان( سمورامات)، قدحكمت بصورة مباشرة او غير مباشرة طيلة 42 سنة، وقامت بمشاريع عمرانية واسعة واهمهابناء مدينة آشور بمعابدها وقصورها الضخمة واحاطتها بالاسوار العالية. من الاعمال الجبارة التي قامت بها هذه الملكة بناء نفق مقبب من الحجر تحت مجرى نهر دجلة ليوصل طرفي المدينة. كذلك قامت بعد ذلك بفتوحات كثيرة استطاعت ان تسيطر على مصر وبلادالشام وبلاد ميديا، ويعتقد انها ربما قد بلغت الهند.