الوقفة الخامسة)
عقائد باطلة يتهم بها الائمة
1 - جاء في الكافي – ج1 - ص 260 :
(( - علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال : إن الله عز وجل غضب على الشيعة فخيرني نفسي أوهم ، فوقيتهم والله بنفسي)) .
2- وكذلك على الصفحة نفسها :
(( - عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن عبد الملك بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : أنزل الله تعالى النصر على الحسين عليه السلام حتى كان [ ما ] بين السماء والأرض ثم خير : النصر ، أو لقاء الله ، فاختار لقاء الله تعالى)) .
***
في كتاب الله تعالى – القرآن الكريم – اكثر من قصة عن قوم عاقبهم الله لانهم لم يلتزموا بتعاليمه التي اوحيت الى نبي من انبيائه ليبلغها لهم .
قال تعالى في سورة هود:
* (( وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون * واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون * ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملا من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون * فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم * حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل * وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم * وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين * قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين * وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الامر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين * ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين * قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين * قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين)). [هود :36 -47 ]
* (( ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ)). [هود :58 ]
*(( ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب * فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب * فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز * وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين)). [هود:64 -67 ]
*(( فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط * إن إبراهيم لحليم أواه منيب * يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود * ولما جاءت رسلنا لوطا سئ بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب * وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد * قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد * قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد * قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب* فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود)). [هود:74 -82 ]
*(( ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين * كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود)). [هود:94 -95 ]
*(( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين * إلى فرعون وملاه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد * يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود * وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود * ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد * وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التى يدعون من دون الله من شئ لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب)). [هود:96 -101 ]
فلماذا لم ينزل الله عذابا بالشيعة (فقط !!!) عندما غضب منهم سبحانه، فيما لم يستطع نوح ان يرد العذاب عن ابنه .
***
اما عقيدة الفداء المسيحية فمعروفة للجميع ، اذ يقول المسيحيون ان السيد المسيح قد افتدى البشرية بدمه ، وهي لم تكن عقيدة الهية ، انما هي عقيدة بشرية ما انزل الله بها من سلطان .
قال تعالى :
((وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا * بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما * وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا )).[آل عمران :157 - 159 ]
السؤال الذي يتبادر الان: هل في الاسلام عقيدة كعقيدة الفداء المسيحية؟
بالتأكيد سيكون الجواب هو : كلا ، لا عقيدة فداء في الاسلام ، بل انها ليست عقيدة الهية .
فلا نتصور – فقط تصور – ان الامام موسى الكاظم قد قال هذا القول لانه يعرف جيدا ان هذه العقيدة باطلة (من وجهة النظر الاسلامية)، وهي تتعارض مع القرآن الكريم ، اذن فهذا الحديث موضوع لتعارضه مع القرآن.
يقول الله سبحانه:
(( قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شئ ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون )). [الانعام :164 ]
***
اما بالنسبة للحديث الثاني ، نتساءل:
لماذا خرج الحسين ؟
وايضا، الا يأتي يوم على الحسين و يموت ، ويلقي الله دون ان يختار هذا اللقاء سريعا ويـُقتل جراء المعركة العشرات من الجيشين ويسبى عيال بيت النبوة ؟
فهذا الحديث موضوع اصلا ، لان الانسان – أي انسان مؤمن – يحب لقاء ربه ، الا انه في الوقت نفسه يحب ان ينصر دين ربه ، ولا يضع اللقاء والنصر في حالة مقارنة واختيار ليختار- من ثم - اللقاء على نصرة الدين.
ان الامام الحسين خرج لنصرة دين ربه ،ومن يقرأ احداث الطف كما رواها ابو مخنف ونقلها الطبري في تاريخه يرى كذب ادعاء هذا الحديث، فضلا عن ان الحسين ليس بنبي لكي يوحى له (عيسى ، محمد)او يكلمه الله (موسى).
ان الله سبحانه وتعالى – كما قلت في دراسات سابقة – لم يغير النواميس التي وضعها للطبيعة او لكل شيء حي .
وخسارة المسلمين في معركة احد خير دليل ، فقد نصر الله المسلمين في معركة بدر لانهم قد اعدوا لها العدة – على الرغم من قلتهم - فنصرهم الله بالملائكة ، اما في معركة احد، فقد اخطأ المسلمون كثيرا فضلا عن كثرة جيش المشركين ، اخطأ المسلمون عندما سألهم النبي (ص) عن ميدان المعركة فأختار بعضهم خارج المدينة ، وهم يعلمون انهم قلة، والدفاع داخل المدينة يساعدهم في الانتصار، وكذلك ، ترك جماعة الاحتياط على جبل احد مكانهم ولم يمتثلوا لوصايا النبي (ص) بعدم المغادرة.
يذكر البخاري في الصحاح (...فأخذوا يقولون الغنيمة الغنيمة فقال عبد الله بن جبير عهد إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن لا تبرحوا فأبوا فلما أبوا صرف وجوههم فأصيب سبعون قتيلا) . (ج 5 – ص 29 - 30)
هذه الاسباب وغيرها ساعدت على خسارة المعركة،ولم نسمع ان الله قد خيّر نبيه بين النصر واللقاء ، او ان الله امدهم بجنود من عنده كما في معركة بدر.
اما معركة الطف ، وعلى الرغم من قوة ايمان الحسين واهله وصحبه بعدالة قضيتهم ، الا ان موازين النصر لم تكن بجانبهم ، من حيث قلة العدد والناصر ، والقضايا اللوجستية ، والمكان ، وشراسة الجيش المقابل .
---------------------------
(الوقفة السادسة)
الغيب([6])
مقدمة:
من يقرأ القرآن الكريم المنزل باللغة العربية ([7]) على نبيه العربي وعلى مجتمع عربي – منذ قبل البعثة النبوية الى يومنا هذا ، اليوم الذي اصبح كل شيء متاحا من خلال ما وصلته الثورة في الاتصالات ، وثورة المعلوماتية في الحاسوب وشبكة الانترنيت العالمية - يخرج بنتيجة واحدة ، الا وهي :
((ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين)). [النحل :89 ]
و ((هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين)). [ال عمران :138 ].
و ((* وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم)). [يونس :15 ].
و (( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا * وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورءيا)). [مريم : 73 - 74 ].
و (( وكذلك أنزلناه آيات بينات وأن الله يهدي من يريد [الحج :16 ].
أي انه قرآن عربي، واضح، بيّن، سهل التعبد والعمل به.
ونعرف جيدا انه يحتوي على ايات متشابهات، في الوقت نفسه : ((هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الالباب)). [ال عمران:7 ] ،
وهذه الايات يمكن الوصول الى معنى بعضها من خلال تفسير القرآن بالقرآن ، مع العلم - والى يومنا هذا الذي اكتب به هذه الدراسة- لم يصل احد الى درجة (الراسخون في العلم) ليهدينا الى تلك الايات (تعددت الاراء بين المفسرين ورجال الدين في امر تحديد تلك الايات ، كما هو الشأن في تحديد الناسخ والمنسوخ) او أن يفسرها بعلمه ، بل راح البعض – من مفسرين ورجال دين - يقول برأيه او اراء من سبقه ، ومنهم من يحتج بأن النبي (ص) فسرها هكذا ، او ان يقول البعض الاخر ان الائمة قد قاموا بتفسيرها بكذا معنى من خلال علم النبي، مع العلم ان الاحاديث النبوية فيها اشكال من ناحية المتن او السند([8]) .
انني انا العربي – ارومة ومجتمعا وعائلة ودراسة - افهم ان معنى : ((والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الالباب)).
هو الايمان المطلق بالله وبما انزله ، ولم يقل سبحانه انهم قالوا فهمنا تأويله.
لهذا اقول : ان الايات التي ترد فيها لفظة الغيب – خاصة- مفهومة جدا، ليس للمتعلم فحسب،وانما ايضا للامي المسلم ، فهناك ايات تحكي عن الغيب الذي خص الله به ذاته، وهناك ايات تحكي عن قضايا غيبية سابقة تاريخيا للبعثة (القصص مثلا) ([9]) يوحي بها سبحانه الى نبيه ليخبر بها الناس (مسلمين وغير مسلمين) ، للعبرة وتثبيت قلب النبي (ص) وغيرذلك ،وهناك ايات تتحدث عن غيب المستقبل التي يخبر الله به نبيه (للترغيب و الترهيب )، خاصة عن يوم القيامة ، اما الانس والجن فلا سبيل لهم في ذلك.
يبقى الرسل والانبياء ، فان قول الله سبحانه : ((ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم)). [ال عمران:179 ]، ليس معناه انه سبحانه يختار احدا من رسله ليعرف الغيب متى شاء ، وانما يفهم من الاية ما نزل من غيب في الكتب السماوية ، القرآن خاصة. و ، ((عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا )).[الجن: 26 - 27 ] فأ ي الرسل قد ارتضى له الغيب ؟ لم يصرح سبحانه بذلك ،وهذا القول ليس قولي بل هو قول القرآن الكريم.
اذن نصل الى نتيجة واحدة بعد قراءتنا للايات التي يرد فيها لفظة الغيب ، هي ان الله قد اختص ذاته بهذا العلم، وهو الذي يوحي به الى من يختار من الرسل من خلال الكتب المنزلة عليهم .
***
ايات الغيب:
الغيب: هو من معلوم الله سبحانه، وما خفي عن البشر- مهما كانت صفة ومرتبة هذا البشر - ، ان كان ذلك من حوادث الماضي ، او المستقبل، او ما يقدر الله سبحانه.
1 – الغيب من علم الله سبحانه:
* (( ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين)). [يونس :20 ]
* (( قل لا يعلم من في السماوات والارض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون)). [النمل: 65 ]
* (( الم * تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين * أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون * الله الذي خلق السماوات والارض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون * يدبر الامر من السماء إلى الارض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون * ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم)). [السجدة:1 - 6 ]
*(( أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أو لو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون * قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والارض ثم إليه ترجعون * وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون * قل اللهم فاطر السماوات والارض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون)). [الزمر:43 - 46 ]
* (( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز)). [الحديد: 25 ]
* (( قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا * عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا * ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شئ عددا)). [الجن:25 - 28 ]
* (( يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشئ من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم)). [المائدة :94 ]
* (( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين * وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون * وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون * ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين * قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين * قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون * قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون)). [الانعام:59 -65 ]
***
2 - غيب الحوادث السابقة:
* (( ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون)). [ال عمران :44 ]
* (( تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين)). [هود :49 ]
* (( ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون)). [يوسف :102 ]
*(( فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الارض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين)). [سبأ :14 ]
***
4 - غيب حوادث المستقبل:
* ((وهو الذي خلق السماوات والارض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير)).[ الانعام : 73 ]
* (( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون)). [التوبة :105 ]
*(( وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الارض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين * ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم * والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم)). [سبأ:3 -5 ]
***
5 - الرسل والانبياء و الانس والجن لا يعلمون الغيب:
* (( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم)). [ال عمران:179 ]
*(( قل لا أملك لنفسي نفعا ولاضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون)). [الاعراف: 188 ]
* (( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي قل هل يستوي الاعمى والبصير أفلا تتفكرون)). [الانعام: 50]
* (( ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون * ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون * ولا اقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين)). [هود :29 -31 ]
* (( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ كل امرئ بما كسب رهين * وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون * يتنازعون فيها كأسا لالغو فيها ولا تأثيم * ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون * وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون * قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين * فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم * إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم به ريب المنون * قل تربصوا فإني معكم من المتربصين * أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغون * أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون * فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين * أم خلقوا من غير شئ أم هم الخالقون * أم خلقوا السماوات والارض بل لا يوقنون * أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون * أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين * أم له البنات ولكم البنون * أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون * أم عندهم الغيب فهم يكتبون * أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون * أم لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون)). [الطور:21 - 43 ]
***
بعد هذه الرحلة الممتعة مع ايات القرآن الكريم المعنية بالغيب ، اقول :اذا كان الرسل والانبياء لا يعلمون الغيب الا من رضي له الرحمن ان يعلم منه شيئا (من خلال الكتب المنزلة)، واذا كان القرآن الكريم لم يصرح ويبيّن - وهو تبيان لكل شيء - ان الله ارتضى لهذا الرسول او ذاك و سمح له بمعرفة الغيب ، وخاصة النبي محمد(ص) ، اذ انكر سبحانه عليه معرفة الغيب في اكثر من اية ، فهل لنا الحق ان نقول ان هناك شخصا من الرسل او الانبياء او الاولياء او الصالحين او من الجن يعرف الغيب؟ ([10])
حتما سيكون الجواب : كلا، والف كلا ، والا نكون كمن جعل القرآن مهجورا : ((وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا )). [الفرقان:30 ]
***
وضع الشيخ الكليني عدة ابواب في كتابه (الكافي – ج1) تضم مجموعة من الاحاديث والروايات التي تفيد معرفة الائمة بعلم الغيب ، منها :
- باب نادر فيه ذكر الغيب.
- باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون متى يموتون ، وانهم لا يموتون الا باختيار منهم .
- باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون علم ما كان وما يكون وانه لا يخفى عليهم الشئ صلوات الله عليهم.
- باب أن الله عز وجل لم يعلم نبيه علما الا أمره أن يعلمه أمير المؤمنين وأنه كان شريكه في العلم.
- باب جهات علوم الأئمة عليهم السلام.
- باب ان الأئمة عليهم السلام لو ستر عليهم لأخبروا كل امرئ بما له وعليه.
- باب وقت ما يعلم الامام جميع علم الإمام الذي كان قبله.
- باب في أن الأئمة صلوات الله عليهم في العلم والشجاعة .
- باب أن الإمام عليه السلام يعرف الامام الذي يكون من بعده .
- باب ان الأئمة عليهم السلام لم يفعلوا شيئا ولا يفعلون الا بعهد من الله عز وجل وأمر منه لا يتجاوزونه.
***
القرآن يردُّ على هذه الابواب:
* ((إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير)). [لقمان :34]
ومن بعض علوم الغيب المصرح بها في القرآن الكريم والتي هي خاصة بالله، هي :
- علم الساعة.
- نزول المطر.
- معرفة ما في الارحام.
- كسب الانسان.
- ساعة ومكان الولادة و الموت.
- الروح.
- من المرضي عند الله ليعلمه بعض الغيب او يسمح له بالشفاعة (عام ودون تحديد).
- من يدخل الجنة ومن يدخل النار.
- ... الخ.
***
النبي (ص)وعلم الغيب:
نفى القرآن الكريم أي علم بالغيب للنبي محمد(ص)، بل ان هذا الموضوع مصرح به جهارا نهارا ، وليست ايات النفي من المتشابهات ، وانما هي ايات محكمة.
*(( قل لا أملك لنفسي نفعا ولاضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون)). [الاعراف:188]
* (( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي قل هل يستوي الاعمى والبصير أفلا تتفكرون)). [الانعام: 50]
* ((ولا اقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين)). [هود :31 ]
فالنبي (ص):
ومن خلال القرآن الكريم:
- لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا.
- لايملك للناس - ايضا - نفعا ولا ضرا ، لانه :
أ- لا يعرف الغيب.
ب- ليس عنده خزائن الله.
ج – ليس بملك.
د – لا يقول لبعض الناس ان الله سوف يرزقهم او لا .
- اذا كان النفع والضر منفيان عن النبي (ص) له او للناس ، فكل علم اخر غير ذي اهمية، وهناك شواهد حياتية على ذلك:
- لم يعرف ان كانت السيدة عائشة بريئة مما اتهمت به، ام لا (قصة الافك).
- ولم يعرف بنوايا بعض من طلب عدم الاشتراك في غزوة تبوك.
- ولم يعرف ما الروح.
- ولم يعرف متى الساعة.
- ولم يعرف ما الاهلة.
- ولم يعرف ماذا ينفق المسلم.
- ولم يعرف هل في الشهر الحرام قتال ام لا.
- ولم يعرف موقف الاسلام من الخمر والميسر.
- ولم يعرف ماذا احل او حرم الله.
- ولم يعرف شيئا عن الانفال.
- ولم يعرف باسماء المنافقين وانما الله سبحانه هو الذي يعرفهم.
- لم يعرف – مسبقا - بخسارة المسلمين في حرب احد.
- ولم يعرف بالسم الذي وضع في طعامه في غزوة خيبر، ومات جرائه.
- ولم يعرف بوقت موت ابنه ابراهيم .
- ولم يعرف بالرسالة التي بعثها احد صحابته (حاطب) الى مشركي قريش لينذرهم بقدوم المسلمين لقتالهم.
- ولم يعرف بالسحر الذي وضع له.
- ولم يعرف بخادم سريته السيدة مارية القبطية بأنه مجبوب ، بعد ان صار شاكا بأبوبته لابراهيم بسبب قول من قال، والفحص البصري من قبل الامام علي بن ابي طالب للخادم اظهر ذلك.
- ... الخ.
***
احاديث الغيب:
الاصول من الكافي ، كتاب اشكالي ، ليس عند المسلمين فقط ، وانما عند علماء الشيعة الامامية خاصة.
وقد بين اكثر من عالم دين شيعي تلك الاشكالية ([11])، ان كانت من خلال سند ومتن احاديثه ورواياته ، او من خلال وصفه بانه كتاب روائي له كل مواصفات كتب الروايات غير الموثقة ، وسنخصص – ان شاء الله – قسما من اقسام هذه الدراسة لبيان ذلك.
***
اولا : جاء في الكافي - ج 1 - ص 256 وما بعدها: ( باب نادر فيه ذكر الغيب ) :
(( 1 - عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن معمر بن خلاد قال : سأل أبا الحسن عليه السلام رجل من أهل فارس فقال له : أتعلمون الغيب ؟ فقال : قال أبو جعفر عليه السلام : يبسط لنا العلم فنعلم ويقبض عنا فلا نعلم ، وقال : سر الله عز وجل أسره إلى جبرئيل عليه السلام وأسره جبرئيل إلى محمد صلى الله عليه وآله ، وأسره محمد إلى من شاء الله .
2 - محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن سدير الصيرفي قال : سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر عليه السلام : عن قول الله عز وجل : " بديع السماوات والأرض " قال أبو جعفر عليه السلام : إن الله عز وجل ابتدع الأشياء كلها بعلمه على غير مثال كان قبله ، فابتدع السماوات والأرضين ولم يكن قبلهن سماوات ولا أرضون ، أما تسمع لقوله تعالى : " وكان عرشه على الماء " . فقال له حمران : " أرأيت قوله جل ذكره : " عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا " فقال أبو جعفر عليه السلام : " إلا من ارتضى من رسول " وكان والله محمد ممن ارتضاه ، وأما قوله " عالم الغيب " فإن الله عز وجل عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدر من شئ ، ويقضيه في علمه قبل أن يخلقه ، وقبل أن يفضيه إلى الملائكة ، فذلك يا حمران ، علم موقوف عنده ، إليه فيه المشيئة ، فيقضيه إذا أراد ، ويبدو له فيه فلا يمضيه ، فأما العلم الذي يقدره الله عز وجل فيقضيه ويمضيه فهو العلم الذي انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ثم إلينا .
3 - أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن ، عن عباد بن سليمان ، عن محمد بن سليمان عن أبيه ، عن سدير قال : كنت أنا وأبو بصير ويحيى البزاز وداود بن كثير في مجلس أبي عبد الله عليه السلام إذ خرج إلينا وهو مغضب ، فلما أخذ مجلسه قال : يا عجبا لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب ، ما يعلم الغيب إلا الله عز وجل ، لقد هممت بضرب جاريتي فلانة ، فهربت مني فما علمت في أي بيوت الدار هي قال سدير : فلما أن قام من مجلسه وصار في منزله دخلت أنا وأبو بصير وميسر وقلنا له : جعلنا فداك سمعناك وأنت تقول كذا وكذا في أمر جاريتك ونحن نعلم أنك تعلم علما كثيرا ولا ننسبك إلى علم الغيب قال : فقال : يا سدير : ألم تقرء القرآن ؟ قلت : بلى ، قال : فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل : " قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك " قال : قلت : جعلت فداك قد قرأته ، قال : فهل عرفت الرجل ؟ وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب ؟ قال : قلت : أخبرني به ؟ قال : قدر قطرة من الماء في البحر الأخضر فما يكون ذلك من علم الكتاب ؟ ! قال : قلت جعلت : فداك ما أقل هذا فقال : يا سدير : ما أكثر هذا ، أن ينسبه الله عز وجل إلى العلم الذي أخبرك به يا سدير ، فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل أيضا : " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب قال : قلت : قد قرأته جعلت فداك قال : أفمن عنده علم الكتاب كله أفهم أم من عنده علم الكتاب بعضه ؟ قلت : لا ، بل من عنده علم الكتاب كله ، قال : فأومأ بيده إلى صدره وقال : علم الكتاب والله كله عندنا ، علم الكتاب والله كله عندنا .
4 - أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن عمرو ابن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار الساباطي قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الامام ؟ يعلم الغيب ؟ فقال : لا ولكن إذا أراد أن يعلم الشئ أعلمه الله ذلك)) .
***
مناقشة احاديث هذا الباب:
1 – في طريق اسناد الحديث الاول: (عدة من أصحابنا).
2 – بالنسبة للحديث الثاني : لا توجد آية في القران الكريم تؤكد هذا الارتضاء، وانما فيه ايات يخاطب الله فيها نبيه انه لايعلم الغيب (راجع ما قلناه في السطور السابقة).
3 – الحديث الثالث : يتناقض صدره مع نهايته ، فكيف يكون علم الكتاب عند الائمة، فيما لا يعرف الامام بخبر الجارية ؟ اما بعض كتاب الشيعة فيبررون ذلك بالتقية.
ان الاية هذه من سورة الرعد تنفي عن الرسول ان يكون عنده – او هو - علم الكتاب (وبالتأكيد للائمة من بعده) لان علم الكتاب عند الله سبحانه. (ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب). [الرعد :43 ]
بقرينة: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب). [الرعد :39 ] و (* حم * والكتاب المبين * إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون * وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم). [الزخرف:1- 4 ]
اما من معه (علم من الكتاب) الذي خاطب سليمان فلم يعرف عند المسلمين، يقول عنه ابن زيد كما في تفسير الطبري ([12]): (وخرج يومئذ رجل عابد في جزيرة من البحر) و بعض الكتاب يدعونه اصف بن برخيا ، وهو من الاسرائيليات.
4 – يتناقض الحديث الرابع مع الحديث الثالث ، بينما يقول الامام : (علم الكتاب والله كله عندنا ، علم الكتاب والله كله عندنا) يقول في الرابع جوابا عن سؤال هل الامام يعرف الغيب ؟ : (لا ولكن إذا أراد أن يعلم الشئ أعلمه الله ذلك ) ، وفرق كبير بين ان يكون معه وبين ان يُعلِمه الله.
***
ثانيا:جاء في الكافي – ج1 - صفحة 258 : ( باب أن الأئمة عليهم السلام إذا شاؤوا أن يعلموا علموا ) :
(( 1 - علي بن محمد وغيره ، عن سهل بن زياد، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان ابن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن بدر بن الوليد ، عن أبي الربيع الشامي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن الامام إذا شاء أن يعلم علم .
2 - أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن ابن مسكان عن بدر بن الوليد ، عن أبي الربيع ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن الامام إذا شاء أن يعلم اعلم.
3 - محمد بن يحيى ، عن عمران بن موسى ، عن موسى بن جعفر ، عن عمرو بن سعيد المدائني ، عن أبي عبيدة المدائني ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا أراد الامام أن يعلم شيئا أعلمه الله ذلك )).
***
مناقشة احاديث هذا الباب:
1 – في إسناد الحديث الاول ، سهل بن زياد، و هو ضعيف . (راجع :منتهى المطلب العلامة الحلي- ج1 ص 251 ).
2 – في الحديث الثاني: (إن الامام إذا شاء أن يعلم اعلم) . ولا نعرف من اين يعلم ، لان الفعل جاء في جميع النسخ( انظر الهامش 1 ص258) مبنيا للمجهول.
3 – في الحديث الثالث : (إذا أراد الامام أن يعلم شيئا أعلمه الله ذلك ).في هذا لحديث يكون علم الامام علم تابع لارادة الامام نفسه اولا ، وان الله سبحانه هو الذي يستجيب لارادة الامام ، أي انه يوحي له بذلك العلم بطريق (قذف في القلوب ، ونقر في الاسماع) .
اذن، فهذه الاحاديث (الثاني والثالث) غير صحيحة وتتضارب مع القرآن الكريم ، لان الله سبحانه لم يجعل من ذاته آلة للاجابة عن تساؤلات أي شخص حتى لو كان اماما عن أي امر ، كالغيب مثلا - بعد ان اكمل دينه.
* (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم فإن الله غفور رحيم)). [المائدة:3 ] .
اما الدعاء فمستجاب من قبل الله : (( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم )).
* (( ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم)). [الانبياء :76 ]
* (( وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين * فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين)). [الانبياء:83 - 84 ]
* ((وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين * وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين * فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين). [ الانبياء :87 - 90 ].
وكذلك عن اسئلة الرسل والانبياء ، وقد حفل القرآن الكريم بآيات هي اجوبته سبحانه على تساؤلات النبي (ص) والمسلمين ، حيث انها مسبوقة بـ (قل)([13]) .
***
ثالثا:جاء في الكافي – ج1 - صفحة 258 وما بعدها: ( باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون متى يموتون ، وانهم لا يموتون الا باختيار منهم ) :
(( 1 - محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطاب ، عن سليمان بن سماعة وعبد الله بن محمد ، عن عبد الله بن القاسم البطل ، عن أبي بصيرقال : قال أبو عبد الله عليه السلام : أي إمام لا يعلم ما يصيبه وإلى ما يصير ، فليس ذلك بحجة لله على خلقه .
2 - علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محمد بن بشار قال : حدثني شيخ من أهل قطيعة الربيع من العامة ببغداد ممن كان ينقل عنه ، قال : قال لي : قد رأيت بعض من يقولون بفضله من أهل هذا البيت ، فما رأيت مثله قط في فضله ونسكه فقلت له : من ؟ وكيف رأيته ، قال : جمعنا أيام السندي بن شاهك ثمانين رجلا من الوجوه المنسوبين إلى الخير ، فأدخلنا على موسى بن جعفر عليهما السلام فقال لنا السندي : يا هؤلاء انظروا إلى هذا الرجل هل حدث به حدث ؟ فإن الناس يزعمون أنه قد فعل به ويكثرون في ذلك وهذا منزله وفراشه موسع عليه غير مضيق ولم يرد به أمير المؤمنين سوءا وإنما ينتظر به أن يقدم فيناظر أمير المؤمنين وهذا هو صحيح موسع عليه في جميع أموره ، فسلوه ، قال : ونحن ليس لنا هم إلا النظر إلى الرجل والى فضله وسمته فقال موسى بن جعفر عليهما السلام : أما ما ذكر من التوسعة وما أشبهها فهو على ما ذكر غير أني أخبركم أيها النفر أني قد سقيت السم في سبع تمرات وأنا غدا أخضر وبعد غد أموت قال : فنظرت إلى السندي بن شاهك يضطرب ويرتعد مثل السعفة .
3 - محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن عبد الله ابن أبي جعفر قال : حدثني أخي ، عن جعفر ، عن أبيه أنه أتى علي بن الحسين عليهما السلام ليلة قبض فيها بشراب فقال : يا أبت أشرب هذا فقال : يا بني إن هذه الليلة التي اقبض فيها وهي الليلة التي قبض فيها رسول الله صلى الله عليه وآله .
4 - علي بن محمد ، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عبد الحميد ، عن الحسن بن الجهم قال : قلت للرضا عليه السلام : إن أمير المؤمنين عليه السلام قد عرف قاتله والليلة التي يقتل فيها والموضع الذي يقتل فيه وقوله لما سمع صياح الإوز في الدار : صوائح تتبعها نوائح ، وقول أم كلثوم : لو صليت الليلة داخل الدار وأمرت غيرك يصلي بالناس ، فأبى عليها وكثر دخوله وخروجه تلك الليلة بلا سلاح وقد عرف عليه السلام أن ابن ملجم لعنه الله قاتله بالسيف ، كان هذا مما لم يجز تعرضه ، فقال : ذلك كان ولكنه خير في تلك الليلة ، لتمضي مقادير الله عز وجل .
5 - علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال : إن الله عز وجل غضب على الشيعة فخيرني نفسي أوهم ، فوقيتهم والله بنفسي .
6 - محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الوشاء ، عن مسافر أن أبا الحسن الرضا عليه السلام قال له : يا مسافر هذا القناة فيها حيتان ؟ قال : نعم جعلت فداك ، فقال : إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله البارحة وهو يقول : يا علي ما عندنا خير لك.
7 - محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الوشاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال ، كنت عند أبي في اليوم الذي قبض فيه فأوصاني بأشياء في غسله وفي كفنه وفي دخوله قبره ، فقلت : يا أباه والله ما رأيتك منذ اشتكيت أحسن منك اليوم ، ما رأيت عليك أثر الموت ، فقال : يا بني أما سمعت علي بن الحسين عليهما السلام ينادي من وراء الجدار يا محمد تعال ، عجل ؟
8 - عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن عبد الملك بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : أنزل الله تعالى النصر على الحسين عليه السلام حتى كان [ ما ] بين السماء والأرض ثم خير : النصر ، أو لقاء الله ، فاختار لقاء الله تعالى)) .
***
مناقشة الاحاديث :
1 – الحديث الثاني غير صحيح لان في سنده، رجل نكرة: (حدثني شيخ من أهل قطيعة الربيع من العامة ببغداد ممن كان ينقل عنه).
2 – الحديث الثالث في سنده: ( أبو جميلة) واذا كان هو مفضل بن صالح – ولا يوجد غيره - فقد ضعفه الشيخ الطوسي في الفهرست.
3 – الحديث الرابع غير صحيح لان في سنده: سهل بن زياد : وهو ضعيف .(راجع :منتهى الطلب- العلامة الحلي- ج1 ص 251 ).
4 - الحديث الخامس غير صحيح لان في سنده: (عن بعض أصحابنا) ، وقد ناقشنا هذا الحديث في (القسم الخامس ).
5 – الحديث السادس: أي قناة يعني ؟ وكيف تكون الحيتان في قنوات المياه وهي تعيش في المحيطات والبحار؟ علما انه مازال الناس كافة ومن كل الديانات والملل يرون فيما يرى النائم اشخاصا (انبياء واولياء وصالحين واجدادا ومن الاهل او الاصدقاء) يخبرونهم بقول ما ، وهذا ليس دليلا على ان الائمة : (يعلمون متى يموتون ، وانهم لا يموتون الا باختيار منهم ).
6 – اذا كان الحديثان الثالث و السابع صحيحين ، فهذا لا يشكل دليلا على علم الائمة بيوم موتهم ، فكثير من الناس - ساعة موتهم او ليلة موتهم - يعرفون ذلك وبعضهم يطلب حضور احبته لوداعهم ، وبعضهم يوصي ، واخرين يناجي بعض من ماتوا من اقاربه او احبته .
مع العلم – بالنسبة للحديث السابع - ان الابن هو امام ويجب ان يعرف الغيب، فلماذا لم يسمع مناداة النبي لابيه ؟ ليسأله الاب قائلا: الم تسمع.
7 – اما الحديث الاول ، فينفي عن الائمة ذلك بقول الامام ابو عبد الله: (أي إمام لا يعلم ما يصيبه وإلى ما يصير ، فليس ذلك بحجة لله على خلقه)، فضلا عن وجود: ليث المرادي ، أبو بصير ، في سنده ، وهو مجهول، كما يقول الطوسي في الفهرست ص325.
8 – ناقشنا الحديث الثامن في ( القسم الخامس ).
***
رابعا : جاء في الكافي – ج1 – ص 260 وما بعدها باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون علم ما كان وما يكون وانه لا يخفى عليهم الشئ صلوات الله عليهم ) :
(( 1 - أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر ، عن عبد الله بن حماد ، عن سيف التمار قال كنا مع أبي عبد الله عليه السلام جماعة من الشيعة في الحجر فقال : علينا عين ؟ فالتفتنا يمنة ويسرة فلم نر أحدا فقلنا : ليس علينا عين فقال : ورب الكعبة ورب البنية - ثلاث مرات - لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما أني أعلم منهما ولأنبئتهما بما ليس في أيديهما ، لان موسى والخضر عليهما السلام أعطيا علم ما كان ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة وقد ورثناه من رسول الله صلى الله عليه وآله وراثة .
2 - عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن يونس بن يعقوب ، عن الحارث بن المغيرة ، وعدة من أصحابنا منهم عبد الاعلى وأبو عبيدة وعبد الله ابن بشر الخثعمي سمعوا أبا عبد الله عليه السلام يقول : إني لاعلم ما في السماوات وما في الأرض وأعلم ما في الجنة وأعلم ما في النار ، وأعلم ما كان وما يكون ، قال : ثم مكث هنيئة فرأى أن ذلك كبر على من سمعه منه فقال : علمت ذلك من كتاب الله عز وجل ، إن الله عز وجل يقول فيه تبيان كل شئ.
3 - علي بن محمد ، عن سهل ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الكريم ، عن جماعة بن سعد الخثعمي أنه قال : كان المفضل عند أبي عبد الله عليه السلام فقال له المفضل : جعلت فداك يفرض الله طاعة عبد على العباد ويحجب عنه خبر السماء ؟ قال : لا ، الله أكرم وأرحم وأرأف بعباده من أن يفرض طاعة عبد على العباد ثم يحجب عنه خبر السماء صباحا ومساء .
4 - محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن ضريس الكناسي قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول - وعنده أناس من أصحابه - : عجبت من قوم يتولونا ويجعلونا أئمة ويصفون أن طاعتنا مفترضة عليهم كطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله ثم يكسرون حجتهم ويخصمون أنفسهم بضعف قلوبهم ، فينقصونا حقنا ويعيبون ذلك على من أعطاه الله برهان حق معرفتنا والتسليم لامرنا ، أترون أن الله تبارك وتعالى افترض طاعة أوليائه على عباده ، ثم يخفي عنهم أخبار السماوات والأرض ويقطع عنهم مواد العلم فيما يرد عليهم مما فيه قوام دينهم ؟ ! فقال له حمران : جعلت فداك أرأيت ما كان من أمر قيام علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام وخروجهم وقيامهم بدين الله عز ذكره ، وما أصيبوا من قتل الطواغيت إياهم والظفر بهم حتى قتلوا وغلبوا ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام : يا حمران إن الله تبارك وتعالى قد كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه على سبيل الاختيار ثم أجراه فبتقدم علم إليهم من رسول الله صلى الله عليه وآله قام علي والحسن والحسين عليهم السلام ، وبعلم صمت من صمت منا ، ولو أنهم يا حمران حيث نزل بهم ما نزل بهم ما نزل من أمر الله عز وجل وإظهار الطواغيت عليهم سألوا الله عز وجل أن يدفع عنهم ذلك وألحوا عليه في طلب إزالة ملك الطواغيت وذهاب ملكهم إذا لأجابهم ودفع ذلك عنهم ، ثم كان انقضاء مدة الطواغيت وذهاب ملكهم أسرع من سلك منظوم انقطع فتبدد ، وما كان ذلك الذي أصابهم يا حمران لذنب اقترفوه ولا لعقوبة معصية خالفوا الله فيها ولكن لمنازل وكرامة من الله ، أراد أن يبلغوها ، فلا تذهبن بك المذاهب فيهم .
5 - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن هشام بن الحكم قال ، سألت أبا عبد الله عليه السلام بمنى عن خمسمائة حرف من الكلام فأقبلت أقول : يقولون كذا وكذا قال : فيقول : قل كذا وكذا ، قلت : جعلت فداك هذا الحلال وهذا الحرام ، أعلم أنك صاحبه وأنك أعلم الناس به وهذا هو الكلام ، فقال لي : ويك يا هشام [ لا ] يحتج الله تبارك وتعالى على خلقه بحجة لا يكون عنده كل ما يحتاجون إليه .
6 - محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : لا والله لا يكون عالم جاهلا أبدا ، عالما بشئ جاهلا بشئ ، ثم قال : الله أجل وأعز وأكرم من أن يفرض طاعة عبد يحجب عنه علم سمائه وأرضه ، ثم قال : لا يحجب ذلك عنه)) .
***
مناقشة الاحاديث:
1 – في اسناد الحديث الاول: إبراهيم ابن إسحاق الأحمر : وهو ضعيف في حديثه ، متهم في دينه، وفي مذهبه إرتفاع، وأمره مختلط لا يعتمد على شئ مما يرويه . راجعشرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج 1 - ص 80 - ورجال ابن داود).
وقد ناقشنا هذا الحديث في ( القسم الاول ).
2 – في طرق اسناد الحديث الثاني وعدة من أصحابنا )، و محمد بن سنان. وعلى الرغم من كل هذا الاسناد غير الصحيح ، فإن استدراك الامام لجوابه ، كان هو الاجابة التي تسكت كل لسان عن معرفة الائمة بالغيب ، اذ استدرك قائلا بعد ان رأىأن ذلك كبر على من سمعه: (علمت ذلك من كتاب الله عز وجل ، إن الله عز وجل يقول فيه تبيان كل شئ). مع العلم ان قول الله هو : ( تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ )(النحل: 89).
وهذا الجواب هوالجواب الصحيح والدقيق .
3 – في طريق اسناد الحديث السادس: علي بن أبي حمزة سالم البطائني ، وهو متهم ملعون . ( انظر :الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 448. و ذمه الكشي.وقال عنه العلامة الحلي في خلاصة القول انه متهم ملعون).
4 – اما الحديث الخامس فهو : حديث متهافت جدا. لانه اذا فهمنا لفظة (حرف) بمعنى سؤال ، فأبن هشام لم يذكر سؤالا واحدا ولا جوابه ، فضلا عن كثرة الاسئلة واجوبتها.
5 – يبقى السؤال الثالث والسؤال الرابع ، وهما يحملان الفكرة نفسها ، وهي: (الله أكرم وأرحم وأرأف بعباده من أن يفرض طاعة عبد على العباد ثم يحجب عنه خبر السماء صباحا ومساء):
أ) انه كلام انشائي لا يفيد العلم بإن الائمة يعرفون الغيب.
ب) ان اجابة الامام على من سأله حول مقتل الامام علي والامام الحسن والامام الحسين ، بأن (الله تبارك وتعالى قد كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه على سبيل الاختيار) هو جواب من يكون لا يعرف الجواب، فيرد كل شيء الى القدرة الالهية ، ولكي يكون الجواب صحيحا اكمله بـ (على سبيل الاختيار)، ونسي واضع الحديث ان الله قد خلق العباد ليعبدوه: ((وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون * ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون)). [الذاريات:56 - 57 ] ، ومن صورعبادة الله ، نشر دينه و الدفاع عنه ، لا رمي النفس في التهلكة والقتل المجاني ، ([14]) فلا فضيلة للقتل، مع العلم ان القرآن الكريم بيّن ذلك من خلال نصرته ونجدته لانبيائه : فقد نجى نوح من الطوفان ، و ابراهيم من الحرق ،واسماعيل من الذبح، و يوسف من الموت في البئر ومن مكيدة زوجة العزيز ومن السجن ، و يونس من بطن الحوت ، ولوط من عقاب الله لاهل مدينته، و موسى من اهل الرجل الذي قتله ومن فرعون و من الغرق ، فضلا عن نجاة نبيه محمدا (ص) من المشركين واليهود ،وغير ذلك.
اذن، فعل الله هو النجاة لا الموت، اما الموت الذي كتب على البشرية فهو عام، ((ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)). [الاعراف :34 ]، و ((كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون)). [الانبياء:35 ]
***
خامسا:جاء في الكافي- ج1 - ص 263 : ( باب أن الله عز وجل لم يعلم نبيه علما الا أمره أن يعلمه أمير المؤمنين وأنه كان شريكه في العلم ) :
(( 1 - علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن عبد الله ابن سليمان ، عن حمران بن أعين ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن جبرئيل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وآله برمانتين فأكل رسول الله صلى الله عليه وآله إحداهما وكسر الأخرى بنصفين فأكل نصفا وأطعم عليا نصفا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا أخي هل تدري ما هاتان الرمانتان ؟ قال : لا ، قال : أما الأولى فالنبوة ، ليس لك فيها نصيب وأما الأخرى فالعلم أنت شريكي فيه ، فقلت : أصلحك الله كيف كان ؟ يكون شريكه فيه ؟ قال : لم يعلم الله محمدا صلى الله عليه وآله علما إلا وأمره أن يعلمه عليا عليه السلام .
2 - علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال : نزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله برمانتين من الجنة فأعطاه إياهما فأكل واحدة وكسر الأخرى بنصفين فأعطى عليا عليه السلام نصفها فأكلها ، فقال يا علي أما الرمانة الأولى التي أكلتها فالنبوة ليس لك فيها شئ ، وأما الأخرى فهو العلم فأنت شريكي فيه .
3 - محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن منصور بن يونس ، عن ابن أذينة ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : نزل جبرئيل على محمد صلى الله عليه وآله برمانتين من الجنة ، فلقيه علي عليه السلام فقال : ما ه