داود الجنابي
لا اريد ان اقتبس احداث من القصة العالمية المعروفه " نهاية رجل شجاع" سوى التصرف المتعمد في عنوان هذا الموضوع . وقبل الدخول في فساد حكومة المالكي ( بنسختيها) من الضروره المهمة التذكير بقول رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حين قال" أن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ ام ضيع " امام هذا الحديث تقع مسؤولية اخلاقية على كل مسؤول وموظف للحفاظ على الامانه وحماية الرعية من الفساد والمفسدين . والسؤال هنا كم من الاشياء التي اضاعها المالكي ووزرائه عبر سنوات توليهم كراسي وظائفهم.؟ في ظل هؤلاء اكلي السحت الحرام تفاقمت قضايا الفساد في مختلف مرافق الحياة في العراق ولم تسلم اية زاويه من زوايا المجتمع فضيحة او قضية من هذا النوع . ويتداول الشارع العراقي صفقات الفساد واستشرائه في مفاصل الدولة، ودائما ما تؤشر اصابع الاتهام الى حيتان ( حزب الدعوة الايراني ) واركان حكومة التزوير المالكية الاولى والثانية . فمن ملف زيت الطعام الفاسد الى قضية المتفجيرات والى فضيحة الشاي المسرطن، اصبحت حكومة المالكي اضحوكه بيد التجار والسماسره وقصة لعب الاطفال لوزارة الكهرباء خير دليل على ما نقول.وبفضل هؤلاء الفاسدين تنامى الفساد يشكل خطير حتى وصل العراق الى مراتب متقدمة بين الدول الاكثر فساداً على مستوى العالم. ولاجل الوقوف على حجم وخطورة تنامي ملف الفساد يمكننا رصد مايلي
1 – طبقا لتقارير الشفافية الدولية فان العراق احتل مرتبه " متدنية"من ناحية الفساد على مستوى العالم ,واحتل العراق ذيل قائمة الدول الاكثر فساداًفي العالم وقد تحدث المدير التنفيذي لـمنظمة الشفافية الدولية "ديفيد نوسبوم" في عام 2009 عن هذه النتائج حيث قال (هذه النتائج تشير الى ان الفساد في العراق متفاقم .وهذا ليس فقط عائد لانهيار الامن كما يروج له بل ايضا للمعايير المزدوجةفي المراقبة والتوازنات وتطبيق القانون وعمل المؤسسات الرسمية.)
2- اكدت تقارير امريكية تصدر بشكل منتظم على وجود عمليات فساد كبيرة داخل مؤسسات الحكومة العراقية ,واكدت التقارير اختفاء ملايين الدولارات من الخزينة العامة العراقية وبشكل يكاد يكون منظم.
واسناداً لما تقدم يمكننا رصد بعض حالات الفساد التي شهدتها الساحة العراقية خلال حكم المالكلي وحزب الدعوه والاحزاب المؤتلفه معه . وهي على النحو الاتي .
اولا- حسب وثيقة داخلية للبنتاغون صدرت عام 2004 تؤكد اختفاء ملايين الدولارات من الخزينة العراقية ،كما انها كشفت ان احدى شركات الهاتف النقال التي فازت بعقد العمل دفعت رشاوى تصل الى 21مليون دولار ،واشارت الوثيقة الى ان حيدر العبادي احد حيتان حزب الدعوة الذي كان يشغل وزير النقل حصل على 3 ملايين دولار.
ثانياً:- في عام 2006 أعلنت وزارة العدل الأميركيّة إن ("ستاين" الذي كان يتولى منصب أمين صندوق لدى السلطة المؤقتة في العراق منذ كانون الأول 2003 اعترف بأنه اختلس مع مسؤولين آخرين مليوني دولارمن الاموال العراقية المخصصة لاعادة اعمار العراق ،بينما تجاوزت قيمة الرشاوي التي تقاضاها
"ستاين" مليون دولار نقداً على شكل سيارات ومجوهرات وأغراض قيمة أخرى مقابل منح عقود لإعادة الإعمار في الحلة جنوب بغداد.
ثالثا- حسب إحصائية اعدتها هيئة النزاهة عن عام 2009 فان عدد مذكرات التوقيف بقضايا فساد بلغت 3710
مذكرات منها 152 بدرجة مدير عام فما فوق و 2588 مذكرة بحق من هم دون مرتبة مدير عام. وتوزعت قضايا الفساد على كافة وزارات الدولة بنسب مختلفة، حسب قرب أو بعد اعمال الوزارة عن الخزينة العراقية ! وقد بلغت قضايا الرشوة في مؤسسات الدولة 380
قضية وفي التزوير 1901 قضية وفي الاختلاس 511 قضية وفي تجاوز حدود الوظيفة 1404 وقضايا اخرى بلغت 2817 قضية،
وأوضحت الهيئة وجود 1437 مطلوبا بفساد حاليا، مؤكدة ان هذا الفساد يشكل مشكلة كبيرة في البلاد واشتكت من تدخلات سياسية تعيق عمل الهيئة وانجازها لمهامها في مكافحته.
وأعلنت هيئة النزاهة أن قيمة ممارسات الفساد المالي الذي شهده العراق تجاوزت مليار دولار في عام 2010، وأشارت إلى إدانة 709 من المسؤولين بينهم 75
مسؤولا بدرجة مدير عام و9 بدرجة وزير من مجموع 874 تمت إحالتهم إلى المحاكم بقضايا فساد.وأوضحت الهيئة أن قيمة المبالغ التي طالها الفساد بلغت خلال عام 2010 ترليون و135 مليار دينار منها أربعة في المئة في جرائم رشوة و18 في المئة جرائم اختلاس و22 في المئة جرائم أضرار بأموال الدولة و37 في المئة جرائم تزوير.وأشارت هيئة النزاهة إلى وجود أكثر من ألف و400 مطلوب بالفساد حاليا، وأضافت أن التدخل من قبل جهات سياسية لم تسمها يعيق عمل الهيئة وأداء مهامها في مكافحة الفساد.
رابعا - صفقات الفساد في حكومة المالكي
1-صفقة الادوية والاجهزة الطبية لوزاره الصحة والتي تعد اخطر عملية فساد مالي حيث بلغت قيمتها 445 مليون دولار،تتعلق بعقود للادوية والاجهزه الطبية وعن حرق مخازن للادوية ،وبلغت قيمتة محتوياتها 100مليون دولار.
2- وصفقة الشاي الفاسد التي احيلت ملفاتها الى محاكم كربلاء دليل اخر على فساد حكومة المالكي حيث بلغت هذه الصفقة نحو 450 طنا من الشاي الفاسد.
3- وتعد صفقات الحليب الفاسد وصفقة شراء كاشفات المتفجرات (المغشوشة) بقيمة 80 مليون دولار. وكذلك صفقة شركة "باور انجنير البريطانية التي تعاقدت مع حكومة المالكي لتزويد المحطات الكهربائية برؤوس توليد الطاقة الكهربائية ،والتي تحولت الى لعب اطفال في اغرب تحايل على حكومة فاسدة وبلغت قيمة هذه الصفقة اربعة ملايين ونصف المليون دولار.
4- وفي وزاره النفط 154 حالة فساد حسب تقرير مسرب للسفارة الامريكية يتكون من 82 صفحة ، هذه القضايا لم تحال الى المحاكم سوى 19 قضية تم احالتها وتم اتهام 2 فقط في تمتع الاخرون بالحصانة الممنوحة لهم من قبل حكومة المالكي .
5- يتسائل الناس عن مصير (300) مليار دولار حجم فسادوإنفاق في حكومات العراق الجديدخلال خمسةأعوام فقط: أين ذهبت؟ فالكهرباء مازالت على حالها وآخر تصريح لحكومة المالكي أنهالن تتحسن قبل عام 2015؟. ليس من شك في أن أموال الفساد في العراق ذهبت إلىتمويل الأحزاب والميليشيات المسلحة خوفا من المستقبل المجهول، وتحسباً ليوم آت،فضلا عن عمليات غسيل الأموال التي بات يتقنها الفاسدون في العراق الجديدتحت عناوين وذرائع شتى مستغلين صفاتهم الحكومية وتنقلاتهم المكوكية دون تفتيش ولا حساب، ومن لايصدق فليسأل عن ممتلكات الفاسدين سواء منهم الهاربون أو السابقون أو الحاليون في دول العالم (مثل الإمارات، ولندن، وسويسرة، وباريس، وبيروت، وعمان، وغيرها).
ومن احكام القران الكريم يكون الإفساد: فعل ما به الفساد، والهمزة فيه للجعل، أي: جعل الأشياء فاسدة، والفساد أصله تحول منفعة الشيء النافع إلى مضرة به أو بغيره، وقد يطلق على وجود الشيء مشتملاً على مضرة وإن لم يكن فيه نفع من قبل. يقال: فسد الشيء بعد أن كان صالحاً، ويقال: فاسد إذا وجد فاسداً من أول وهلة، وكذلك يقال: أفسد إذا عمد إلى شيء صالح فأزال صلاحه، ويقال: أفْسَدَ إذا أوجد فساداً من أول الأمر.
والقرآن الكريم يتحدث كثيراً عن (الإفساد في الأرض) وينعى على المفسدين فيها، أو يبغون فيها الفساد أو يعينون عليه، ذلك أن الله - تعالى - خلق الأرض صالحة وأودع فيها البركة الكافية من فوقها: ((قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً، ذلك رب العالمين. وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين))[فصلت/ 9، 10].
والمتأمل في حديث القرآن عن الفساد والفاسدين أو الإفساد والمفسدين، سيجد أن إيقاع الفساد من قبل البشرما يلحق بالذرية والأبناء والأتباع في اقتدائهم بالكبار المتبوعين في مساويهم. ولهذا قال نوح - عليه السلام -: ((إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً))[نوح/ 27].
إفساد الدائرة المحيطة بالمفسدين عن طريق بث أخلاق وصفات ودعاوى الفساد، وذلك بالإسراف في المعاصي حتى يتعدى أثرها إلى غير أصحابها، ولهذا قال صالح - عليه السلام - ناهياً قومه عن التأثر بالمفسدين
(ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون))[الشعراء/ 152] إفساد الدائرة الأوسع في المجتمعات عن طريق إشاعة الأمراض الاجتماعية المفسدة بواسطة المضلين مثل إثارة فتن الشبهات والشهوات، والوقوف في وجه المصلحين وإحداث العقبات في طرقهم زعماً بأنهم يقفون ضد مصالح الناس. قال - تعالى -:
((وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون. ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون)) [البقرة/ 11]. وقال الملأ المضلون من قوم فرعون: ((أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك)) [آل عمران/ 127 . واستنادا لما تقدم فان نهاية الفاسدين اقرب مما يتصور البعض .... وغدا لناظره قريب
dawodjanabi@gmail.com